العنف ضد المرأة بين الإسلاميين والعلمانيين..
أحمد عمرو
في المعركة المحتمدة بين الإسلام والعلمنة؛ تُستغل عدد من القضايا لتشكل محورًا للسجالات بين الإسلاميين والعلمانيين، وتعد قضايا المرأة وحريتها والعنف ضدها من أشرس تلك المواجهات.
إذ يسعى فريق العلمنة إلى الدفع بالمرأة إلى ما يزعمون أنه الحرية التي تتمتع بها نظيرتها الغربية، ويقف الإسلاميون ليدافعوا عن قيم ومعايير إسلامية تختص بالمرأة موضحين مدى ما أعطى الإسلام للمرأة من كرامة وما كفل لها من احترام.
وبين هؤلاء وأولئك لا يمكن أن ننكر أن المرأة المسلمة في مجتمعاتنا تتعرض لقدر كبير من العنف، وهي بالفعل تحتاج إلى من يدافع عن حقوقها، وفي تعريف الحقوق والواجبات تختلف الرؤى وهو ما سنحاول أن نضع أيدينا عليه خلال الإجابة عن التساؤلات الآتية:
هل العنف ضد المرأة ظاهرة في مجتمعاتنا الإسلامية خاصة؟
وهل تشكل العلمانية والديمقراطية والحرية المطلقة للمرأة نوع أمان وحفظ لها من العنف؟
أسباب العنف ضد المرأة عند العلمانيين:
يرى العلمانيون أن منظومة القيم الإسلامية والأعراف والتقاليد الشائعة في المجتمعات الإسلامية هي السبب وراء ممارسة العنف ضد المرأة ـ حتى إن كانت تلك الأعراف لا علاقة لها بالدين.
فمن أسباب العنف ضد المرأة لديهم:
1- النظرة القيمية الخاطئة والتي لا ترى أهلية حقيقية وكاملة للمرأة كإنسانة كاملة الإنسانية حقاً وواجباً.
2- التخلّف الثقافي العام وما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة والتطوّر البشري الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة والرجل على حدٍ سواء
3- التوظيف السيء لسلطة الرجل داخل الأسرة ومفهوم القيومية.
4- التقاليد والعادات الاجتماعية الخاطئة التي تحول دون تنامي دور المرأة وإبداعها لإتحاف الحياة بمقومات النهضة.
وتصب تلك العناصر كلها في بوتقة الإسلام كما يزعم أحدهم قائلا : ’’لا شك أن وضعية المرأة العربية أشد تعقيدًا من وضعية غيرها من نساء العالم، بما فيها الدول النامية؛ لأن التعاليم الإسلامية غدت سندًا شرعيًا لكل أصناف العنف والتهميش التي تتعرض لها النساء . بل صارت تلك الممارسات المشينة جزءًا من الدين بفعل الاجتهادات الخاطئة والتوظيفات الأيديولوجية للدين .
وإذا كانت الآراء الفقهية التي أنتجتها عصور خلت قد اتسمت بالانغلاق والتشدد تبعًا لمستوى الوعي والتطور المجتمعي، فإن الآراء والمواقف التي تتبناها الإسلاميون حاليًا ليس لها من مبرر غير السعي إلى كبح عملية التطور التي تعرفها مجتمعاتنا’’(1).
هكذا هي النظرة إذن، الدين الإسلامي بتشريعاته وقرآنه وأحاديثه وعلمائه القدماء وكذلك المحدثون منهم هم السبب الرئيس للعنف ضد المرأة.
أسباب العنف ضد المرأة كما يراها الإسلاميون:
يرى الإسلاميون أن الإسلام جاء ليكرم المرأة، وأن المرأة المسلمة حصلت منذ ما يزيد عن الأربعة عشر قرنًا على حقوق لم تعرفها الإنسانية والحضارة الحديثة إلا من سنوات قليلة كحقها في أي يكون لها ذمة مالية منفصلة في حين أن الغرب لم يعرف ذمة مالية للمرأة إلا منذ وقت قريب، وحقها في اختيار الزوج فلا يفرض عليها، ولم يفرض عليها النفقة في أي وقت، وأوجب إعزازها وصيانتها واحتفاظها بشخصيتها وكيانها. وأعطاها حق في الميراث.
لكن الغرب له نظرة للمرأة معاكسة تمامًا للنظرة الإسلامية كما يقول الدكتور محمد عمارة: ’’إذا كان بعض المثقفين في العالم يلوحون بأوراق أمريكا في الحرية فإننا لابد أن ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1920 كانت تساوي بين المرأة والعبيد وتحرمها الحقوق السياسية بالكامل كما أن الكونجرس الأمريكي لا توجد فيه المرأة إلا بنسبة 14%.. وهناك 8 سيدات من بين 675 قاضيًا يعملن في القضاء في أمريكا’’(2).
وفي إشارة إلى إنكار الغرب لحق الذمة المالية للمرأة يقول: (في عام 1903 طلبت سيدة مصرية بيع حصتها من أسهم قناة السويس التي كانت تملكها فرنسا،وكان رد الشركة الفرنسية بأن المرأة ليس من حقها أن تبيع لأنها ليس لها ذمة مالية Kوحسب نصوص القانون الفرنسي لا يجوز لها التصرف في أموالها وكتبت السيدة للشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت والذي أكد لها أن الشريعة الإسلامية منحت المرأة ذمة مالية مستقلة عن زوجها)(3).
ويرى الإسلاميون أن أسباب العنف الحقيقية ضد المرأة تختلف في المجتمعات الإسلامية عنها في المجتمعات الغربية ففي حين تكمن النظرة المادية للمرأة في الغرب ورؤيته للحرية في أمور تتعارض مع القيم الأخلاقية والفطرة الإنسانية مثل الزنا والشذوذ والبغاء ويعتبر تلك الأمور رمزًا للحرية الشخصية كما يصور للمرأة بأن جسدها ملكًا لها تعبر عن حريتها من خلاله بممارسة أشكال الجنس ولو اتخذت الشذوذ سبيلاً...
فإن تلك المفاهيم كانت وراء تلك الإحصاءات التي تشير إلى مدى ما تعانيه المرأة من عنف. فقد أكدت الإحصاءات أنه في أمريكا كل 15 ثانية يَضرب أحد الأزواج زوجته ضربًا مبرحًا، وفي فرنسا توجد وزارة لشئون المرأة تطالب بتشريعات جديدة، وبتكوين شرطة خاصة لإبلاغها بضرب الزوجات والأولاد، ويطالبون أيضًا بمحاكم أُسَرِيّة خاصة.
أما في إنجلترا فأصبحت ظاهرة ضرب الأزواج للزوجات محلاً للشكوى، وفي روسيا انتشرت الظاهرة على نطاق واسع.. ؛ لكثرة عدد الأزواج العاطلين، ونتيجة للحياة الاقتصادية الصعبة، وأصبح الأزواج يُنَفِّثُون عن أنفسهم بضرب زوجاتهم. وهكذا فرغم النفور الشديد من الضرب، سواء ضرب الزوج لزوجته أو ضرب الأب لأبنائه في الغرب، ورغم القوانين التي تمنع ذلك لم تتوقف الظاهرة بل تزداد انتشارًا.
وأشارت الإحصاءات أيضًا إلى أن مليون ونصف مليون امرأة فرنسية يُعانين سنويًا من ضرب الزوج أو الشريك.
وبلغت جرائم الاغتصاب في أمريكا عام 1995م أكثر من 97 ألف جريمة، جرائم قتل النساء دون غيرهن عام 1995م 4700 جريمة.وقد كشفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA ) عن تهريب نحو 50 ألف امرأة وطفلة إلى الولايات المتحدة سنويًا، وإجبارهنّ على مُمارسة البغاء أو العمل كخادمات في ظروف مشينة. وكشف تقرير عام قام بإعداده فريق بحث من جامعة (جون هوبكنز) بـولاية ميريلاند في الولايات المتحدة أن 2 مليون امرأة وطفلة يتم بيعهن كعبيد سنويًا.
أما في المجتمعات الإسلامية فإن كثيرًا من موروثات الجاهلية تشكل سياجًا من العنف ضد المرأة، فرغم أن الشريعة الإسلامية جعلت للمرأة ـ على سبيل المثال ـ نصيبًا في الميراث نجد أنه في كثير من الأحيان لا تحصل المرأة على حقها نتيجة مفاهيم مناقضة في أساسها للمفاهيم والمعايير الإسلامية. فتتلخص قضية العنف ضد المرأة عند الإسلاميين في البعد عن الإطار الصحيح للإسلام ونظرته للمجتمع ودور الرجل والمرأة فيه.
علاج قضية العنف ضد المرأة عند العلمانيين:
يرى العلمانيون أن علاج قضية العنف ضد المرأة يتجلى في أمور منها:
1ـ إصدار تشريعات وقوانين تكفل حماية المرأة وتضمن لها حريتها المطلقة ومن أمثلة تلك التشريعات التي يحاولون تمريرها في المجتمعات الإسلامية حق المرأة في التصرف في جسدها بالزنا أو الشذوذ كيفما تشاء كما جاء في مقررات مؤتمرات السكان في الآونة الأخيرة، وحق المرأة في معاقبة زوجها إذا أكرها على معاشرته...وغيرها من القوانين التي يطالب العلمانيون بسنها كي تحفظ للمرأة حريتها وتحميها من العنف.
2ـ تغيير منظومة القيم والأخلاق في المجتمع بمساعدة الإعلام ونشر ثقافة التنوير التي ترى المرأة شريكة ومساوية للرجل في كافة المناحي ورفض نظر الإسلام للرجل على أنه له القيومية في الأسرة وعلى زوجته وأولاده.
3ـ نشر الديمقراطية في المجتمعات وإشاعة المفاهيم والمعايير الغربية في كافة مناحي الحياة ومنها النظر للمرأة، وأن المجمتع لن ينهض إلا إذا زاحمت المرأة الرجل في كافة الميادين.
علاج قضية العنف ضد المرأة عند الإسلاميين:
في حين يرى الإسلاميون أن علاج تلك القضية يكون في:
1ـ الرجوع إلى الفهم الصحيح للشريعة الإسلامية والتي تعطي للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، كما تقدّم لها الحماية والحصانة الكاملة.
2ـ نشر تلك الحقائق الدينية وتوعية الرجل و المرأة بها، من حيث توعية كل طرف بحقوقه وواجباته الزوجية.
3ـ قيام مؤسسات التوجيه في المجتمع من مؤسسات التعليم إلى الإعلام بدور في زرع قيم التسامح والحوار في الأطفال منذ الصغر عن طريق دمج هذه القيم في المناهج الدراسية، وتوضيح الدور الاجتماعي الذي يقوم به كل من الذكور والإناث في هذه الحياة.
وبعد
لعلنا قد أدركنا من خلال استعراضنا لموقف الإسلاميين والعلمانيين من قضية العنف ضد المرأة ما هي إجابات التساؤلات التي طرحنها في البداية، وأن العنف ضد المرأة ليس خاصًا بمجتمعاتنا الإسلامية، وأن القوانين الوضعية والقيم الغربية لم تكفل لها الأمان ولم تمنع العنف ضدها، وأن الحل الوحيد في ذلك أن نرجع إلى القانون الإلهي والمنهج الرباني شريطة أن يعرف المسلمون قيمة ما يحملونه من قيم قادرة على إخراج البشرية من تخبطها، وألا يترك الإسلاميون الميدان واسعًا أمام المتاجرين بقضية المرأة والعنف ضدها.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- انظر:’’ العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة’’، ’’سعيد الكحل’’.
2- ’’تحرير المرأة من منظور إسلامي ’’، الأستاذ ’’محمد عمارة’’.
3- مرجع سابق.
.الإتحاد الإسلامي النسائي
أحمد عمرو
في المعركة المحتمدة بين الإسلام والعلمنة؛ تُستغل عدد من القضايا لتشكل محورًا للسجالات بين الإسلاميين والعلمانيين، وتعد قضايا المرأة وحريتها والعنف ضدها من أشرس تلك المواجهات.
إذ يسعى فريق العلمنة إلى الدفع بالمرأة إلى ما يزعمون أنه الحرية التي تتمتع بها نظيرتها الغربية، ويقف الإسلاميون ليدافعوا عن قيم ومعايير إسلامية تختص بالمرأة موضحين مدى ما أعطى الإسلام للمرأة من كرامة وما كفل لها من احترام.
وبين هؤلاء وأولئك لا يمكن أن ننكر أن المرأة المسلمة في مجتمعاتنا تتعرض لقدر كبير من العنف، وهي بالفعل تحتاج إلى من يدافع عن حقوقها، وفي تعريف الحقوق والواجبات تختلف الرؤى وهو ما سنحاول أن نضع أيدينا عليه خلال الإجابة عن التساؤلات الآتية:
هل العنف ضد المرأة ظاهرة في مجتمعاتنا الإسلامية خاصة؟
وهل تشكل العلمانية والديمقراطية والحرية المطلقة للمرأة نوع أمان وحفظ لها من العنف؟
أسباب العنف ضد المرأة عند العلمانيين:
يرى العلمانيون أن منظومة القيم الإسلامية والأعراف والتقاليد الشائعة في المجتمعات الإسلامية هي السبب وراء ممارسة العنف ضد المرأة ـ حتى إن كانت تلك الأعراف لا علاقة لها بالدين.
فمن أسباب العنف ضد المرأة لديهم:
1- النظرة القيمية الخاطئة والتي لا ترى أهلية حقيقية وكاملة للمرأة كإنسانة كاملة الإنسانية حقاً وواجباً.
2- التخلّف الثقافي العام وما يفرزه من جهل بمكونات الحضارة والتطوّر البشري الواجب أن ينهض على أكتاف المرأة والرجل على حدٍ سواء
3- التوظيف السيء لسلطة الرجل داخل الأسرة ومفهوم القيومية.
4- التقاليد والعادات الاجتماعية الخاطئة التي تحول دون تنامي دور المرأة وإبداعها لإتحاف الحياة بمقومات النهضة.
وتصب تلك العناصر كلها في بوتقة الإسلام كما يزعم أحدهم قائلا : ’’لا شك أن وضعية المرأة العربية أشد تعقيدًا من وضعية غيرها من نساء العالم، بما فيها الدول النامية؛ لأن التعاليم الإسلامية غدت سندًا شرعيًا لكل أصناف العنف والتهميش التي تتعرض لها النساء . بل صارت تلك الممارسات المشينة جزءًا من الدين بفعل الاجتهادات الخاطئة والتوظيفات الأيديولوجية للدين .
وإذا كانت الآراء الفقهية التي أنتجتها عصور خلت قد اتسمت بالانغلاق والتشدد تبعًا لمستوى الوعي والتطور المجتمعي، فإن الآراء والمواقف التي تتبناها الإسلاميون حاليًا ليس لها من مبرر غير السعي إلى كبح عملية التطور التي تعرفها مجتمعاتنا’’(1).
هكذا هي النظرة إذن، الدين الإسلامي بتشريعاته وقرآنه وأحاديثه وعلمائه القدماء وكذلك المحدثون منهم هم السبب الرئيس للعنف ضد المرأة.
أسباب العنف ضد المرأة كما يراها الإسلاميون:
يرى الإسلاميون أن الإسلام جاء ليكرم المرأة، وأن المرأة المسلمة حصلت منذ ما يزيد عن الأربعة عشر قرنًا على حقوق لم تعرفها الإنسانية والحضارة الحديثة إلا من سنوات قليلة كحقها في أي يكون لها ذمة مالية منفصلة في حين أن الغرب لم يعرف ذمة مالية للمرأة إلا منذ وقت قريب، وحقها في اختيار الزوج فلا يفرض عليها، ولم يفرض عليها النفقة في أي وقت، وأوجب إعزازها وصيانتها واحتفاظها بشخصيتها وكيانها. وأعطاها حق في الميراث.
لكن الغرب له نظرة للمرأة معاكسة تمامًا للنظرة الإسلامية كما يقول الدكتور محمد عمارة: ’’إذا كان بعض المثقفين في العالم يلوحون بأوراق أمريكا في الحرية فإننا لابد أن ندرك أن الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1920 كانت تساوي بين المرأة والعبيد وتحرمها الحقوق السياسية بالكامل كما أن الكونجرس الأمريكي لا توجد فيه المرأة إلا بنسبة 14%.. وهناك 8 سيدات من بين 675 قاضيًا يعملن في القضاء في أمريكا’’(2).
وفي إشارة إلى إنكار الغرب لحق الذمة المالية للمرأة يقول: (في عام 1903 طلبت سيدة مصرية بيع حصتها من أسهم قناة السويس التي كانت تملكها فرنسا،وكان رد الشركة الفرنسية بأن المرأة ليس من حقها أن تبيع لأنها ليس لها ذمة مالية Kوحسب نصوص القانون الفرنسي لا يجوز لها التصرف في أموالها وكتبت السيدة للشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية في ذلك الوقت والذي أكد لها أن الشريعة الإسلامية منحت المرأة ذمة مالية مستقلة عن زوجها)(3).
ويرى الإسلاميون أن أسباب العنف الحقيقية ضد المرأة تختلف في المجتمعات الإسلامية عنها في المجتمعات الغربية ففي حين تكمن النظرة المادية للمرأة في الغرب ورؤيته للحرية في أمور تتعارض مع القيم الأخلاقية والفطرة الإنسانية مثل الزنا والشذوذ والبغاء ويعتبر تلك الأمور رمزًا للحرية الشخصية كما يصور للمرأة بأن جسدها ملكًا لها تعبر عن حريتها من خلاله بممارسة أشكال الجنس ولو اتخذت الشذوذ سبيلاً...
فإن تلك المفاهيم كانت وراء تلك الإحصاءات التي تشير إلى مدى ما تعانيه المرأة من عنف. فقد أكدت الإحصاءات أنه في أمريكا كل 15 ثانية يَضرب أحد الأزواج زوجته ضربًا مبرحًا، وفي فرنسا توجد وزارة لشئون المرأة تطالب بتشريعات جديدة، وبتكوين شرطة خاصة لإبلاغها بضرب الزوجات والأولاد، ويطالبون أيضًا بمحاكم أُسَرِيّة خاصة.
أما في إنجلترا فأصبحت ظاهرة ضرب الأزواج للزوجات محلاً للشكوى، وفي روسيا انتشرت الظاهرة على نطاق واسع.. ؛ لكثرة عدد الأزواج العاطلين، ونتيجة للحياة الاقتصادية الصعبة، وأصبح الأزواج يُنَفِّثُون عن أنفسهم بضرب زوجاتهم. وهكذا فرغم النفور الشديد من الضرب، سواء ضرب الزوج لزوجته أو ضرب الأب لأبنائه في الغرب، ورغم القوانين التي تمنع ذلك لم تتوقف الظاهرة بل تزداد انتشارًا.
وأشارت الإحصاءات أيضًا إلى أن مليون ونصف مليون امرأة فرنسية يُعانين سنويًا من ضرب الزوج أو الشريك.
وبلغت جرائم الاغتصاب في أمريكا عام 1995م أكثر من 97 ألف جريمة، جرائم قتل النساء دون غيرهن عام 1995م 4700 جريمة.وقد كشفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA ) عن تهريب نحو 50 ألف امرأة وطفلة إلى الولايات المتحدة سنويًا، وإجبارهنّ على مُمارسة البغاء أو العمل كخادمات في ظروف مشينة. وكشف تقرير عام قام بإعداده فريق بحث من جامعة (جون هوبكنز) بـولاية ميريلاند في الولايات المتحدة أن 2 مليون امرأة وطفلة يتم بيعهن كعبيد سنويًا.
أما في المجتمعات الإسلامية فإن كثيرًا من موروثات الجاهلية تشكل سياجًا من العنف ضد المرأة، فرغم أن الشريعة الإسلامية جعلت للمرأة ـ على سبيل المثال ـ نصيبًا في الميراث نجد أنه في كثير من الأحيان لا تحصل المرأة على حقها نتيجة مفاهيم مناقضة في أساسها للمفاهيم والمعايير الإسلامية. فتتلخص قضية العنف ضد المرأة عند الإسلاميين في البعد عن الإطار الصحيح للإسلام ونظرته للمجتمع ودور الرجل والمرأة فيه.
علاج قضية العنف ضد المرأة عند العلمانيين:
يرى العلمانيون أن علاج قضية العنف ضد المرأة يتجلى في أمور منها:
1ـ إصدار تشريعات وقوانين تكفل حماية المرأة وتضمن لها حريتها المطلقة ومن أمثلة تلك التشريعات التي يحاولون تمريرها في المجتمعات الإسلامية حق المرأة في التصرف في جسدها بالزنا أو الشذوذ كيفما تشاء كما جاء في مقررات مؤتمرات السكان في الآونة الأخيرة، وحق المرأة في معاقبة زوجها إذا أكرها على معاشرته...وغيرها من القوانين التي يطالب العلمانيون بسنها كي تحفظ للمرأة حريتها وتحميها من العنف.
2ـ تغيير منظومة القيم والأخلاق في المجتمع بمساعدة الإعلام ونشر ثقافة التنوير التي ترى المرأة شريكة ومساوية للرجل في كافة المناحي ورفض نظر الإسلام للرجل على أنه له القيومية في الأسرة وعلى زوجته وأولاده.
3ـ نشر الديمقراطية في المجتمعات وإشاعة المفاهيم والمعايير الغربية في كافة مناحي الحياة ومنها النظر للمرأة، وأن المجمتع لن ينهض إلا إذا زاحمت المرأة الرجل في كافة الميادين.
علاج قضية العنف ضد المرأة عند الإسلاميين:
في حين يرى الإسلاميون أن علاج تلك القضية يكون في:
1ـ الرجوع إلى الفهم الصحيح للشريعة الإسلامية والتي تعطي للمرأة كامل حقوقها وعزتها وكرامتها، كما تقدّم لها الحماية والحصانة الكاملة.
2ـ نشر تلك الحقائق الدينية وتوعية الرجل و المرأة بها، من حيث توعية كل طرف بحقوقه وواجباته الزوجية.
3ـ قيام مؤسسات التوجيه في المجتمع من مؤسسات التعليم إلى الإعلام بدور في زرع قيم التسامح والحوار في الأطفال منذ الصغر عن طريق دمج هذه القيم في المناهج الدراسية، وتوضيح الدور الاجتماعي الذي يقوم به كل من الذكور والإناث في هذه الحياة.
وبعد
لعلنا قد أدركنا من خلال استعراضنا لموقف الإسلاميين والعلمانيين من قضية العنف ضد المرأة ما هي إجابات التساؤلات التي طرحنها في البداية، وأن العنف ضد المرأة ليس خاصًا بمجتمعاتنا الإسلامية، وأن القوانين الوضعية والقيم الغربية لم تكفل لها الأمان ولم تمنع العنف ضدها، وأن الحل الوحيد في ذلك أن نرجع إلى القانون الإلهي والمنهج الرباني شريطة أن يعرف المسلمون قيمة ما يحملونه من قيم قادرة على إخراج البشرية من تخبطها، وألا يترك الإسلاميون الميدان واسعًا أمام المتاجرين بقضية المرأة والعنف ضدها.
ـــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- انظر:’’ العنف ضد النساء ثقافة قبل أن يكون ممارسة’’، ’’سعيد الكحل’’.
2- ’’تحرير المرأة من منظور إسلامي ’’، الأستاذ ’’محمد عمارة’’.
3- مرجع سابق.
.الإتحاد الإسلامي النسائي