هــل تخلـــت روسيـــا عــن سوريـــة..؟
الثلاثاء ، 27 اب 2013
أحمد الشرقاوي
لافروف: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”
تصريحات وزير الخارجية الروسي ‘سيرغي لافروف’ التي أدلى بها في مؤتمر صحفي عقده حول الوضع في سورية يوم الاثنين 26 أغسطس/آب، وحذر فيه من خطورة التدخل العسكري في سورية من دون قرار مجلس الأمن الدولي، أثار بلبلة وجدلا واسعا وسط الرأي العام العربي والدولي عندما قال ردا على سؤال: “هل ستتدخل روسيا عسكريا لحماية سورية في حال قررت الإدارة الأمريكية وحلفائها توجيه ضربة عسكرية لهذا البلد؟.. فأجاب: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”.
أهمية سورية بالنسبة لروسيا
هذا الكلام الدبلوماسي المشفر، فهم من ظاهر مبناه، أن روسيا قد تراجعت عن تهديداتها السابقة بالذهاب بعيدا في حماية سورية ضد أي إعتداء غربي حتى لو أدى ذلك إلى حرب إقليمية قد تتطور إلى حرب عالمية بأسلحة نووية، كما سبق وأن أعلن الرئيس ‘بوتين’ قبل أشهر، إنطلاقا من قناعته بأن سقوط سورية يعني ببساطة سقوط موسكو وإنهاء دورها كقطب دولي صاعد، ينافس الولايات المتحدة في إدارة شؤون العالم، ناهيك عن حصار الصين وخنقها إقتصاديا.
من هنا أهمية سورية الجيوستراتيجية بالنسبة لروسيا والصين معا، وهذا الأمر من ثوابت السياسة الروسية والصينية التي لا تتبدل ولا تتغير، وإن كانت الصين لا تظهر في الصورة وتلعب من وراء ستار روسيا.. بدليل رفض الرئيس ‘بوتين’ لعروض الأمير بندر السخية نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، وقبله سبق وأن رفض عروض قطرية مغرية في بداية الأزمة السورية، كما رفض كذلك القبول بتفاهمات شراكة محدودة بشروط أمريكية.
تساؤلات مشروعة
وانطلاقا مما نعرفه من معلومات ومما هو متوفر لدينا اليوم من معطيات، هل نستطيع القول حقا، أن روسيا تخلت عن حليفها السوري عندما جد الجد وحانت ساعة الحقيقة؟.. وهل روسيا القيصر ‘بوتين’ رضخت أخيرا، ومن دون مقابل، وقررت ترك سورية لتنهش لحمها الغوريلا الأمريكية والذئاب الغربية والكلاب العربية؟.. أم أنها لا ترغب في التورط في حرب قد تستدرجها إلى مواجهة مباشرة مع أمريكا وحلفائها في المنطقة والعالم، فقررت الإنسحاب ذليلة مهزومة، والتخلي عن مصالحها الحيوية، والنكوس بوعودها وإلتزاماتها تجاه حلفائها، وحرق مصداقيتها في المنطقة وهي التي تتطلع لإستقطاب مصر الجديدة، والتنازل عن طموحاتها الدولية المشروعة، التي عمدتها سورية وحزب الله بالدم في سورية؟.. أم أن في الأمر سر يخفي ما يخفيه عن طبيعة المواجهة القادمة؟…
سياسة “القلعة” ضد سياسة “النعامة”
من يروج لمقولة أن روسيا تخلت عن حماية حليفها السوري، إنما يروج لكلام سادج لا يستقيم مع منطق الأمور وطبيعة الأشياء، ومن يعتقد به فهو لا يفهم في السياسة ولا يفقه في الحرب ولا يدرك معنى أن تكون لروسيا إستراتيجية بأهداف محددة تمكنها من تحقيق تطلعاتها بذكاء، ودهاء، وعقلانية، وبأقل تكلفة ممكنة في إطار إحترام القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة.. وهذه هي حقيقة السياسة الروسية، سياسة “القلعة” المغلقة التي انتقدها الرئيس ‘أوباما’ الأسبوع المنصرم حين إتهم الرئيس السوري بوقاحة و وصفه بأنه “مثل طفل يتصرف بعقلية الحرب الباردة”. ما عقد العلاقة بين الرجلين وأعادها إلى درجة ما تحت الصفر من البرودة.
هذا الكلام معناه، أن أوباما الذي ينهج سياسة “النعامة” التي تدفن رأسها في التراب كي لا يرى العدو وجهها الصغير مقارنة مع جسمها الضخم، الذي يظل في العراء ظاهرا مع مأخرتها للعيان.. وهناك حكمة شعبية قديمة تقول (صياد النعامة يجدها.. يجدها). وهذا هو الفرق بين روسيا وأمريكا، بين ديبلوماسية ‘القلعة’ و ديبلوماسية ‘النعامة’.
في طبيعة الكلام الدبلوماسي
قبل سنوات، تعرفت على سفير سوري في لندن بمناسبة مؤتمر حول التنمية في العالم العربي، وخلال دردشة بغرفة الفندق استمرت حتى الفجر، تحدثنا كثيرا عن سورية ولبنان والصراع العربي – الإسرائيلي وتشرذم الأمة وغيرها من شؤون وشجون العالم العربي. وعندما سألته عن معنى أن يكون الإنسان دبلوماسيا بحكم خبرته الطويلة في المجال، أجاب: “أن يكون سوريا، لأن السوري هو الإنسان الذي يفقه معنى شعرة معاوية التي ترمز إلى الذكاء والدهاء واللباقة والكياسة”. وحين طلبت منه توضيحا حول معنى الكلام الدبلوماسي، قال: “الديبلوماسي المحترف هو الذي يعدك من دون أن يعطيك، وإذا أعطاك فلن يكفيك”.
وبهذا المعنى، فكلام ‘لافروف’ هو كلام رجل ديبلوماسي داهية، خبير ومتمرس بالشؤون الدولية، والكلام الديبلوماسي لا يفهم عادة من مبناه، لأنه كلام مشفر لا يقول بوضوح ما ينتظره المحاور منه، ويخفي الكثير من المسكوت عنه، بحيث لا يفك شفرته إلا من ينفذ إلى باطن معناه من ظاهر مبناه. وهذا أمر طبيعي تحكمه إكراهات المواجهة في الصراع الدولي القائم اليوم بين روسيا والإدارة الأمريكية على سورية.
وما يجب توضيحه بالمناسبة، هو أن المعلومة اليوم تعتبر سلاحا فتاكا قد يحسم الصراع لصالح هذا الطرف أو ذاك، فمن يمتلك المعلومة الصحيحة والدقيقة يستطيع إتخاذ القرار الصائب السليم، ومن يمتلك المعلومة الخاطئة يسقط في فخ جهله وتفشل بالتالي كل خططه، فلا ينجح في تحقيق أهدافه ليظهر حجم غبائه للعلن.. ولنا في حرب تموز 2006 وما حدث في مصر مؤخرا خير مثال.
فلو كانت المخابرات الصهيونية تمتلك المعلومات الدقيقة عن قوة حزب الله وخططه الدفاعية ومخازن سلاحه قبل قرار عدوانها على لبنان، لما خسرت الحرب وطالبت بوقف إطلاق النار بشروط حزب الله خوفا من إنهيار الجيش الصهيوني، كما سبق وأن كشف سماحة السيد في لقائه الأخير مع الميادين.
ولو كانت أمريكا تتحكم بقرار الجيش المصري وعلى معرفة عميقة بتوجهات القيادة والرأي العام المصري، لما فوجئت بما اعتبرته “إنقلابا عسكريا” أسقط أوراقها في المحروسة بسقوط عملائها (الإخوان المسلمين)، الذين راهنت عليهم في إستراتيجيتها الجديدة للهيمنة على المنطقة العربية خدمة لأمن وإستقرار إسرائيل.
لاهوت حـق القـوة ضد قـوة الحـق
مشكلة أمريكا يا سادة يا محترمين، أنها تعتبر نفسها القوة العظمى المهيمنة على العالم من دون منافس ولا منازع، وتستطيع بحكم ذلك انتزاع ما تعتبره من حقها – وهو ليس كذلك – بالقوة ضد قوة حق الآخر المعتدى عليه، وهذا هو عين قانون الغاب، وإن كانت هذه القوة التي تدعيها أمريكا قد تارجعت عما كانت عليه زمن الكوبوي ‘رولاند ريغان’ بشكل كبير، خصوصا بعد حرب أفغانستان والعراق والأزمة المالية البنيوية التي تعصف بها اليوم. ولذلك نجد الإدارة الأمريكية في تعاملها مع دول العالم، تتصرف بعجرفة وإستكبار إنطلاقا من هذا اللاهوت الخادع الذي يبيح لها من غير وجه حق الوقوف في وجه قوة الحق، ضدا في القانون الدولي، وشرعة الأمم، والأخلاق، والمبادىء الإنسانية. حتى قتل المدنيين الأبرياء تبرره بما أصبح يعرف اليوم بـ “أخطاء جانبية” (Effets Secondaires)، لتمرير جرائمها اللا أخلاقية ضد الإنسانية (الطائرات بدون طيار نموذجا).
وفي العقيدة السياسية، تعتبر أمريكا أن أمنها القومي لا ينتهي عند حدودها الجغرافية، بل يمتد ليشمل كل دول العالم، بحيث يصبح أي خطر ولو كان محتملا ضد مصالحها في منطقة ما من العالم، يمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي الداخلي، وكأن هذا الخطر يهدد ولاية من ولاياتها السيادية، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التي لا يهددها النظام السوري، ولم يهاجمها منذ وقف إطلاق النار في الجولان قبل عقود.. ومع ذلك، فمجرد تصور وجود تهديد مستقبلي محتمل يمثل تهديدا جديا لأمنها القومي، وخطرا محدقا يجب التعامل معه عبر مواجهته بشكل إستباقي وكأنه خطر قائم ‘الآن’ على أبوابها.
في معنى تصريح الوزير ‘لافروف’
وعودة لكلام السيد ‘لافروف’، فإن ما أشار إليه من أن: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”، يفهم في إطار ثلاث سيناريوهات محتملة:
الأول: سيناريو الحرب النفسية
ومفاده، أن لا حرب قادمة ولا من يحزنون، وأن كل ما يقال حول حتمية الحرب ضد سورية هي زعزعة بلا طحين، ومجرد بهرجة وتهويل، وحرب نفسية دولية، الهدف منها الضغط على سورية للقبول بإدراج بند نزع ترسانة السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري وصواريخها الباليستية التي تهدد أمن إسرائيل والسعودية، في أجندة التسوية السياسية لمؤتمر جنيف للسلام.
وفي سبيل ذلك، زار سلطان قابوس طهران لإقناع الإمام ‘علي خامنئي’ بالضغط على سورية من أجل القبول بالشروط الأمريكية مقابل القبول ببرنامجها النووي السلمي شريطة أن لا تطالب بنزع السلاح النووي الإسرائيلي، ومن ثم يتم القبول برفع الحصار الإقتصادي عنها. وهو ما لا يبدو أن إيران قبلت به من منطلق إصرارها على عدم الخلط بين الشأن السوري والشأن الإيراني، إحتراما لسيادة كل دولة على حدة، ولأن سورية ليست ولاية تابعة لإيران لتقرر عنها في شأن يمس أمنها القومي.
وبموازات هذه الزيارة، قام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السفير الصهيوني ‘فيلتمان’ بزيارة طهران والإجتماع مع الحكومة الإيرانية الجديدة لإبلاغها بأن الغرب مقتنع تماماً بأن نظام الأسد هو الذي استعمل الكيميائي، وأنه ارتكب خطأ تاريخياً في ذلك ويجب أن يعاقب، رابطاً بين العقاب ومؤتمر “جنيف 2″، بالإشارة إلى أن أحد أهم شروط المؤتمر هو عودة التوازن إلى الميدان وهو حالياً مفقود، وفق ما كشفت عنه صحيفة ‘السفير اللبنانية أمس الإثنين. ثم أشار ‘فيلتمان’ إلى إمكانية توجيه ضربات محدودة، لا تقصم ظهر النظام، لكنها تفتح المجال أمام المعارضة للتقدم في نقاط معينة. فجاء الجواب الإيراني على إشاراته سريعاً، من خلال القول: “سيد فيلتمان، إن كنتم جديين في سعيكم لإنجاح ‘جنيف 2 ‘، فعليكم بزيارة دمشق”. وهو ما ينسجم مع موقف إيران المبدئي باحترام قرار حليفتها سورية، وعدم إتخاذ أي موقف نيابة عنها.
و واضح أن الهدف من هكذا مقاربات فاشلة، التي تعتمد سياسة “الجزرة و العصا”، هو كسب بالسياسة ما لم تستطع الإدارة الأمريكية تحقيقه خلال سنتين ونصف من الحرب الكونية المدمرة ضد سورية، ما من شأنه تحويلها في حال القبول بالشروط الأمريكية، إلى بلد ضعيف منزوع الأسنان والأظافر، فتنتهي مخاوف إسرائيل التي تعتبر السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري سلاحا رادعا مقابل سلاحها النووي، لأنه في حال إستعمال الرئيس الأسد لما يسميه المحللون العسكريون بـ”رائحة البصل” ضد إسرائيل، فسيباد شعب الله المختار لا محالة.
وفي حالة سيناريو الحرب النفسية، فإن روسيا وكما قال ‘لافروف’، “لن تدخل في حرب ضد أحد”.. وكفى الله المؤمنين القتال. لكن هذا السيناريو سقط ولم يعد قائما بعد رفض إيران القبول بالشروط الأمريكية نيابة عن سورية.
الثاني: سيناريو الضربات العسكرية المحدودة
وهو الخيار الذي يبدو أن الإدارة الأمريكية إتخذته وعرضته على حلفائها في إجتماع ‘عمان’ بالأردن’ أمس الإثنين. وبرغم تحفظ ألمانيا وإيطاليا، يبدو أن فرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية أبدوا حماسة كبيرة للمضي قدما خلف الإدارة الأمريكية في تنفيذ هذا السيناريو الذي يهدف أساسا إلى إعادة توازن القوة على الأرض بين الجيش العربي السوري و”المعارضة” كورقة لفرض شروطهما أثنان مفاوضات “جنيف 2″ المعلقة.
وتجذر الإشارة أن هذا التحالف الهجين لا يمثل حلف الناتو الذي تعتبر روسيا تدخله في الصراع الروسي خطا أحمرا قد يغير من قرارها بـ”عدم التدخل في الحرب ضد أحد” كما ألمح الوزير ‘لافروف’ في مؤتمره الصحفي موضوع هذا التحليل.
وعليه، فالضربات العسكرية المقررة في إطار هذا السيناريو تعتبر عمليات جراحية موضعية، هدفها القضاء على القدرة الصاروخية والجوية والتكنولوجية المتطورة، وضرب البنية العسكرية التحتية السورية، من مراكز قيادة وسيطرة، ومطارات، وردارات، وشبكة إتصالات، وغيرها… وفي تقدير الإدارة الأمريكية، أن نجاح هذه الضربات في فترة زمنية معقولة، سيمكنها، بالإضافة إلى إعادة التوازن على الأرض بين أطراف الصراع، من السيطرة على مخازن السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري، وذلك من خلال فرق كومادوز تدخل من الأردن بغطاء ناري جوي كثيف ضد الجيش العربي السوري، لنقل هذا السلاح الفتاك خارج سورية. وهذا هو الهدف الحقيقي الذي يرجى تحقيقه من رواء سيناريو الحرب المحدوده حماية لأمن إسرائيل وضمان إستمرار تفوقها العسكري في المنطقة.
وهناك حديث في واشنطن عن عزم الإدارة الأمريكية على إستعمال طائرات الشبح إنطلاقا من قاعدة العيديد القطرية، تجنبا للرادارات والصواريخ السورية، بموازات صواريخ كروز وطوماهوك التي ستطلق من البوارج الحربية المرابدة قبالة الشواطىء السورية.
وتقول مصادر أن هدف الضربة سيكون عقابيا وردعيا في نفس الوقت، وأن الحرب لن تدوم طويلا، وأنها ستندلع خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يأشر إلى أسبوع أو أكثر قليلا. وذلك خوفا من أن تتخذ الحرب مسارا متدرجا يكون سببا في إشعال المنطقة بالكامل.
أما إسرائيل فقالت أن تدخلها سيقتصر على السيطرة على السلاح الكيماوي لنقلها خارج سورية، وأنها لن تشارك في المواجهة العسكرية إلا في حال تدخل حزب الله بمهاجمتها.
وفي هذه الحالة كذلك، فإن روسيا “لن تدخل الحرب ضد أحد”، كما قال الوزير ‘لافروف’، لأن الخطوط الحمراء التي وضعتها موسكو، والتي تشمل إسقاط النظام بالقوة في سورية، والإنزال البري لحسم الصراع على الأرض وتفتيت الجيش السوري وتقسيم البلاد، غير واردة ضمن أهداف الحرب الأمريكية الموضعية.
ومن شأن مثل هذه الإستراتيجية إن هي حققت أهدافها الإفتراضية، أن تنهي دور سورية السياسي و العسكري في المنطقة، سواء في إطار محور المقاومة أو الصراع العربي الإسرائيلي لعشرات السنوات القادمة، خاصة وأن إستنزاف الجيش العربي السوري سيستمر لعشرات السنوات إن إقتضى الأمر (وفق تصريح ديمبسي الأخير)، في مواجهة عصابات التكفيريين وفلول الجيش “العلماني” الجديد الذي تعده أمريكا وحلفائها في الأردن، مع إستبعاد الإسلاميين من صفوفه، وتدريبه وتجهيزه بما يلزم من عتاذ وتكنولوجيا، تسمح له بخوض الحرب على الإرهاب، وتحضيره ليكون جيشا “وطنيا” بديلا عن الجيش العربي السوري مستقبلا، خوفا من إنهيار الدولة كما حدث في العراق بعد حرب الخليج الثانية، والتي اعتبره المحللون خطئا إستارتيجيا كبيرا إرتكبته إدارة بوش، جعل من العراق لقمة صائغة سقطت في يد إيران بعد الإنسحاب الأمريكي المذل منه.
وللإشارة، فهذا السيناريو وإن كان لا يسعى لإسقاط النظام في هذه المرحلة المبكرة تحسبا لرد الفعل الإيراني والروسي، إلا أن إستراتيجية الفوضى الخلاقة ستستمر في سورية وفق ما سبقت الإشارة إليه لإستزاف الجيش العربي السوري حتى ينهار وينهار معه النظام، فتمر أمريكا حينئذ إلى مرحلة تحقيق هدفها الأكبر من الحرب على سورية، ألا وهو تفكيك البلاد إلى دويلات طائفية ومذهبية ضعيفة ومسالمة تدور في الفلك الأمريكي والصهيوني.
إستراتيجية الرد السورية
سورية وحلف المقاومة، في صورة هذا المشهد الذي يحضر للمنطقة، وعلى معرفة دقيقة بكل سيناريوها حلف الشر ومخططاته الخبيثة.. وبطيبعة الحال، أمريكا متخوفة من الرد السوري الذي لن يقتصر على الدفاع من خلال صد الهجمات الصاروخية البحرية والجوية على أمل أن ينتهي العدوان سريعا، بل تتوقع أمريكا أن تلجأ سورية عند أول ضربة إلى شن هجوم بالصواريخ بمعية حزب الله على الكيان الصهيوني لتربك حسابات الحلفاء، وخصوصا السعودية والأردن وتركيا، ما سيغير معادلة الصراع بالكامل، وسيثير حماسة الشعوب العربية والإسلامية، بل والغربية المناهضة للحرب، وهذا مكسب معنوي يعطي لمحور المقاومة شحنة معنوية قوية وبعدا أخلاقيا واسعا.
وهذا بالضبط ما تتخوف منه أمريكا بشكل كبير، لأنها تعلم علم اليقين أن الهجوم على إسرائيل هو خيار سورية وحزب الله الذي طال إنتظاره، ومن شأنه حسم الصراع مع العدو الصهيوني وتغيير وجه المنطقة إلى الأبد.
من هنا نفهم تردد الإدارة الأمريكية منذ البداية في إعتماد الخيار العسكري، وقد حذر الجنرال ‘دمبسي’ القيادة السياسية الأمريكية قبل أيام بقوله، أن الخيار العسكري ضد سورية لا يخدم المصلحة القومية الأمريكية وعارضه بشدة. وعندما واجه وزير الدفاع ‘هاغل’ القادة السياسيين والعسكرين الصهاينة بهذه الحقيقة، أكدوا له جميعا أن الرئيس الأسد لن يجرأ على إتخاذ قرار خطير بمهاجمة إسرائيل، وأنه في حال أقدم على مثل هذا الخيار فإسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها ورد الصاع صاعين لإعادة سورية إلى العصر الحجري.
والحقيقة أن كل المؤشرات تقول أن الإسرائيلي لا يستطيع مواجهة سورية وحزب الله في حرب قد تعيد ما تبقى من شعب ‘يهوه’ إلى زمن التيه والضياع. لكن الإسرائيلي يخادع، ويراهن بقوة في مواجهته المقبلة على دور السعودية في تحريك فلول التكفيريين المسلحين المتواجدين في شمال لبنان من جبهة النصرة والقاعدة وعناصر المرتزقة من الجيش الحر، والتي تقاطعت أنباء عن أن عددهم يصل بالفعل إلى حوالي 50 ألف مقاتل، ليهاجموا حزب الله في معاقله بالضاحية من الشمال، في حين أعدت إسرائيل جيشا من العملاء من عرب الـ48 ودربتهم وسلحتهم بشكل جيد، بالإضافة إلى 6 فرق من التكفيريين الذين تشرف عليهم مباشرة من الجولان، ليتولوا جميعا الهجوم على حزب الله من الجنوب والشرق، تحت غطاء قصف جوي سجادي بقوة نار هائلة على معاقل حزب الله والجيش العربي السوري، بعد أن يكون الجيش الأمريكي والحلفاء أنهوا مرحلة تدمير القوة الصاروخية وسلاح الجو السوري في ظرف زمني سريع، ما سيجعل سورية غير قادرة على التأثير في مسار الحرب ضد إسرائيل، وحزب الله سيكون ضعيفا مشتت القوى بين مواجهة التكفيريين القادمين من الشمال والشرق وعربان 48 من الجنوب، والقصف الإسرائيلي المتواصل من البر والبحر والجو.
هذا السيناريو شجعل الإدارة الأمريكية وحلفائها على المضي قدما في خيار سيياريو الضربات الجراحية الموضعية. وخلال مراحل تنفيذ هذا السيناريو كذلك، فإن روسيا لن تتدخل ضد أحد كما قال الوزير لافروف، بل وحتى إيران لن تتدخل. وسيقتصر تدخل هذين الحليفين بشكل غير مباشر، من خلال إمداد الجيش العربي السوري وحزب الله بما يلزم من سلاح ووسائل دفاع وهجوم، تمكنهما من الصمود وإفشال مخططات واشنطن وإسرائيل، إن لم تتحقق المعجزة وينقلب السحر على الساحر فتهزم إسرائيل.
وهنا، ستدخل المنطقة ما يمنكن تسميته بسيناريو الكارثة، بحيث ستتدخل أمريكا وحلفائها لإنقاذ الكيان الصهيوني من السقوط المريع، ما سيستتبع حتما تدخل إيران لتتوسع الجرب فتشمل الأردن والسعودية وتركيا.. وفي حال تدخل الناتو لحماية تركيا بإتبارها عضوا في منظونته، وهو ما يعتبر خطا أحمرا بالنسبة لروسيا، فستتدخل هذه الأخيرة لإعادة التوازن وفرض خيار إنهاء الحرب وفق شروط لن تكون قطعا في صالح أمريكا وحلفائها المقامرين الطامعين في فوائد ما بعد الحرب، كما هي عادة كلاب الحي عندما تلهث وراء موائد اللئام.
هذا هو المشهد الذي يرتسم في الأفق القريب وفق المعطيات والمعلومات المتوفرة حتى الآن، وهذا ما يظهر جليا نتيجة التحليل إنطلاقا من مقدمات الحرب التي أصبحت أكثر من مكشوفة ومعروفة الأهداف والمآلات والتداعيات.
وعقدة المنشار الوحيدة التي تقف في وجه مخطط الإدارة الأمريكية لبدأ سيناريو الضربات الجراحية، هو المبرر الأخلاقي لشرعنة الهجوم من خارج غطاء الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يبدوا صعب المنال حتى الآن، برغم محاولة إدارة أوباما وحلفائها الفرنسيين والبريطانيين إقناع شعوبهم بأن معلومات مخابراتهم تأكد أن النظام السوري إستعمل السلاح الكيماوي ضد شعبه، ودمر الأدلة على الأرض قبل وصول فرق المفتشين، ولوكان ليس لديه فعلا ما يخفيه لما تأخر في الموافقة على زيارة فريق الأمم المتحدة للمواقع التي استخدم فيها السلاح الكيماوي.
وتعمل الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة واللوبي الصهيوني والسعودي في أمريكا على تغيير الصورة في الغرب من خلال الضغط السياسي والمال الحرام للتأثير على الرأي العام الغربي وتغيير موقفه من خلال تقديم الأسد كديكتاتور يقتل شعبه بالصواريخ الباليستية والطائرات ويبيد المدنيين الأبرياء وخصوصا الأطفال بالسلاح الكيماوي. وهو ما أشار إليه الوزير ‘لافروف’ في ندوته الصحفية، حين استنكر الكم الهائل من الصور المبركة المنشورة على النت حول هذا الموضوع.
حيث اعتبر ‘لافروف’ أن حرية الإنترنت أصبحت تستخدم لغايات ومصالح أنانية سلبية على حساب المبادىء الأخلاقية، وذلك باعتماد أسلوب الكذب والتزوير والخداع، ما يؤشر لإنحطاط أخلاقي يشكل إعتداءا على قيم الحرية، واحترام القيم في المجتمعات التي لها آلاف السنين من الحضارة، فيتم التلاعب بالقوانين الدولية لتغيير قيم هذه المجتمعات بالقوة وما تخلفه من أضرار جانبية تشكل إستخفافا بحقوق الإنسان واعتداءا سافرا على أقدس المقدسات، ألا وهو الحق في الحياة.
وزير خارجية سورية ‘وليد المعلم’ قال اليوم: “سورية أمام خياران، إما الضربة العسكرية والإستسلام، أو الدفاع عن النفس، وسورية إختارت الدفاع عن النفس ولن أذهب في الشرح أبعد من هذا”. وهو ما يعني أن سورية قررت العيش بكرامة أو الموت بشرف.
ووردت معلومات اليوم، تأكد أن مجموعة من الطيارين السوريين بعثوا بطلب إلى القيادة السورية لتسمح لهم بالقيام بهجوم إنتحاري ضد البوارج الأمريكية في المتوسط، على شاكلة ما قام به اليابانيون ضد الأسطول الأمريكي السادس في مرفأ “بيرل هاربر” البحري، فألحقوا به خسائر فادحة.
من جهة أخرى، هناك حديث يدور في كواليس واشنطن ومفاده، أن من بين أهداف الضربة العسكرية المحتملة، إستهداف الرئيس بشار الأسد لحسم الحرب بأسرع وقت ممكن لصالح قوى الشر، وهو ما تنكره الإدارة الأمريكية خوفا من إثارة غضب الروسي.
خلاصـــــــــة
وخلاصة القول، أن الضربة قادمة لا شك فيها، وأن حركة تمرد المصرية التي تستحق التحية بالمناسبة، دعت جماهير الشعب المصري والعربي للخروج في تظاهرات حاشدة على إمتداد الوطن العربي للإحتجاج ضد الحرب الصهيوأمريكية على سورية، لأنه إذا ضربت سورية ستضرب مصر بعدها وسينتهي شيىء إسمه الوطن العربي إلى الأبد.
الوضع خطير، وخطير جدا أيها السادة، وقد آن الأوان للتحرك على كل المستويات، كل من موقعه، وحسب قدرته للمشاركة في التنديد بالحرب القادمة، والوقوف مع سورية ومحور المقاومة الذي يدافع اليوم عن الأمة، كل الأمة، بمختلف طوائفها، ومذاهبها، ومشاربها، وتوجهاتها.. وذلك أضعف الإيمان..
لأنه معا، نستطيع تغيير التاريخ و وجه المنطقة.
خاص بانوراما الشرق الاوسط
الثلاثاء ، 27 اب 2013
أحمد الشرقاوي
لافروف: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”
تصريحات وزير الخارجية الروسي ‘سيرغي لافروف’ التي أدلى بها في مؤتمر صحفي عقده حول الوضع في سورية يوم الاثنين 26 أغسطس/آب، وحذر فيه من خطورة التدخل العسكري في سورية من دون قرار مجلس الأمن الدولي، أثار بلبلة وجدلا واسعا وسط الرأي العام العربي والدولي عندما قال ردا على سؤال: “هل ستتدخل روسيا عسكريا لحماية سورية في حال قررت الإدارة الأمريكية وحلفائها توجيه ضربة عسكرية لهذا البلد؟.. فأجاب: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”.
أهمية سورية بالنسبة لروسيا
هذا الكلام الدبلوماسي المشفر، فهم من ظاهر مبناه، أن روسيا قد تراجعت عن تهديداتها السابقة بالذهاب بعيدا في حماية سورية ضد أي إعتداء غربي حتى لو أدى ذلك إلى حرب إقليمية قد تتطور إلى حرب عالمية بأسلحة نووية، كما سبق وأن أعلن الرئيس ‘بوتين’ قبل أشهر، إنطلاقا من قناعته بأن سقوط سورية يعني ببساطة سقوط موسكو وإنهاء دورها كقطب دولي صاعد، ينافس الولايات المتحدة في إدارة شؤون العالم، ناهيك عن حصار الصين وخنقها إقتصاديا.
من هنا أهمية سورية الجيوستراتيجية بالنسبة لروسيا والصين معا، وهذا الأمر من ثوابت السياسة الروسية والصينية التي لا تتبدل ولا تتغير، وإن كانت الصين لا تظهر في الصورة وتلعب من وراء ستار روسيا.. بدليل رفض الرئيس ‘بوتين’ لعروض الأمير بندر السخية نهاية شهر يوليو/تموز الماضي، وقبله سبق وأن رفض عروض قطرية مغرية في بداية الأزمة السورية، كما رفض كذلك القبول بتفاهمات شراكة محدودة بشروط أمريكية.
تساؤلات مشروعة
وانطلاقا مما نعرفه من معلومات ومما هو متوفر لدينا اليوم من معطيات، هل نستطيع القول حقا، أن روسيا تخلت عن حليفها السوري عندما جد الجد وحانت ساعة الحقيقة؟.. وهل روسيا القيصر ‘بوتين’ رضخت أخيرا، ومن دون مقابل، وقررت ترك سورية لتنهش لحمها الغوريلا الأمريكية والذئاب الغربية والكلاب العربية؟.. أم أنها لا ترغب في التورط في حرب قد تستدرجها إلى مواجهة مباشرة مع أمريكا وحلفائها في المنطقة والعالم، فقررت الإنسحاب ذليلة مهزومة، والتخلي عن مصالحها الحيوية، والنكوس بوعودها وإلتزاماتها تجاه حلفائها، وحرق مصداقيتها في المنطقة وهي التي تتطلع لإستقطاب مصر الجديدة، والتنازل عن طموحاتها الدولية المشروعة، التي عمدتها سورية وحزب الله بالدم في سورية؟.. أم أن في الأمر سر يخفي ما يخفيه عن طبيعة المواجهة القادمة؟…
سياسة “القلعة” ضد سياسة “النعامة”
من يروج لمقولة أن روسيا تخلت عن حماية حليفها السوري، إنما يروج لكلام سادج لا يستقيم مع منطق الأمور وطبيعة الأشياء، ومن يعتقد به فهو لا يفهم في السياسة ولا يفقه في الحرب ولا يدرك معنى أن تكون لروسيا إستراتيجية بأهداف محددة تمكنها من تحقيق تطلعاتها بذكاء، ودهاء، وعقلانية، وبأقل تكلفة ممكنة في إطار إحترام القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة.. وهذه هي حقيقة السياسة الروسية، سياسة “القلعة” المغلقة التي انتقدها الرئيس ‘أوباما’ الأسبوع المنصرم حين إتهم الرئيس السوري بوقاحة و وصفه بأنه “مثل طفل يتصرف بعقلية الحرب الباردة”. ما عقد العلاقة بين الرجلين وأعادها إلى درجة ما تحت الصفر من البرودة.
هذا الكلام معناه، أن أوباما الذي ينهج سياسة “النعامة” التي تدفن رأسها في التراب كي لا يرى العدو وجهها الصغير مقارنة مع جسمها الضخم، الذي يظل في العراء ظاهرا مع مأخرتها للعيان.. وهناك حكمة شعبية قديمة تقول (صياد النعامة يجدها.. يجدها). وهذا هو الفرق بين روسيا وأمريكا، بين ديبلوماسية ‘القلعة’ و ديبلوماسية ‘النعامة’.
في طبيعة الكلام الدبلوماسي
قبل سنوات، تعرفت على سفير سوري في لندن بمناسبة مؤتمر حول التنمية في العالم العربي، وخلال دردشة بغرفة الفندق استمرت حتى الفجر، تحدثنا كثيرا عن سورية ولبنان والصراع العربي – الإسرائيلي وتشرذم الأمة وغيرها من شؤون وشجون العالم العربي. وعندما سألته عن معنى أن يكون الإنسان دبلوماسيا بحكم خبرته الطويلة في المجال، أجاب: “أن يكون سوريا، لأن السوري هو الإنسان الذي يفقه معنى شعرة معاوية التي ترمز إلى الذكاء والدهاء واللباقة والكياسة”. وحين طلبت منه توضيحا حول معنى الكلام الدبلوماسي، قال: “الديبلوماسي المحترف هو الذي يعدك من دون أن يعطيك، وإذا أعطاك فلن يكفيك”.
وبهذا المعنى، فكلام ‘لافروف’ هو كلام رجل ديبلوماسي داهية، خبير ومتمرس بالشؤون الدولية، والكلام الديبلوماسي لا يفهم عادة من مبناه، لأنه كلام مشفر لا يقول بوضوح ما ينتظره المحاور منه، ويخفي الكثير من المسكوت عنه، بحيث لا يفك شفرته إلا من ينفذ إلى باطن معناه من ظاهر مبناه. وهذا أمر طبيعي تحكمه إكراهات المواجهة في الصراع الدولي القائم اليوم بين روسيا والإدارة الأمريكية على سورية.
وما يجب توضيحه بالمناسبة، هو أن المعلومة اليوم تعتبر سلاحا فتاكا قد يحسم الصراع لصالح هذا الطرف أو ذاك، فمن يمتلك المعلومة الصحيحة والدقيقة يستطيع إتخاذ القرار الصائب السليم، ومن يمتلك المعلومة الخاطئة يسقط في فخ جهله وتفشل بالتالي كل خططه، فلا ينجح في تحقيق أهدافه ليظهر حجم غبائه للعلن.. ولنا في حرب تموز 2006 وما حدث في مصر مؤخرا خير مثال.
فلو كانت المخابرات الصهيونية تمتلك المعلومات الدقيقة عن قوة حزب الله وخططه الدفاعية ومخازن سلاحه قبل قرار عدوانها على لبنان، لما خسرت الحرب وطالبت بوقف إطلاق النار بشروط حزب الله خوفا من إنهيار الجيش الصهيوني، كما سبق وأن كشف سماحة السيد في لقائه الأخير مع الميادين.
ولو كانت أمريكا تتحكم بقرار الجيش المصري وعلى معرفة عميقة بتوجهات القيادة والرأي العام المصري، لما فوجئت بما اعتبرته “إنقلابا عسكريا” أسقط أوراقها في المحروسة بسقوط عملائها (الإخوان المسلمين)، الذين راهنت عليهم في إستراتيجيتها الجديدة للهيمنة على المنطقة العربية خدمة لأمن وإستقرار إسرائيل.
لاهوت حـق القـوة ضد قـوة الحـق
مشكلة أمريكا يا سادة يا محترمين، أنها تعتبر نفسها القوة العظمى المهيمنة على العالم من دون منافس ولا منازع، وتستطيع بحكم ذلك انتزاع ما تعتبره من حقها – وهو ليس كذلك – بالقوة ضد قوة حق الآخر المعتدى عليه، وهذا هو عين قانون الغاب، وإن كانت هذه القوة التي تدعيها أمريكا قد تارجعت عما كانت عليه زمن الكوبوي ‘رولاند ريغان’ بشكل كبير، خصوصا بعد حرب أفغانستان والعراق والأزمة المالية البنيوية التي تعصف بها اليوم. ولذلك نجد الإدارة الأمريكية في تعاملها مع دول العالم، تتصرف بعجرفة وإستكبار إنطلاقا من هذا اللاهوت الخادع الذي يبيح لها من غير وجه حق الوقوف في وجه قوة الحق، ضدا في القانون الدولي، وشرعة الأمم، والأخلاق، والمبادىء الإنسانية. حتى قتل المدنيين الأبرياء تبرره بما أصبح يعرف اليوم بـ “أخطاء جانبية” (Effets Secondaires)، لتمرير جرائمها اللا أخلاقية ضد الإنسانية (الطائرات بدون طيار نموذجا).
وفي العقيدة السياسية، تعتبر أمريكا أن أمنها القومي لا ينتهي عند حدودها الجغرافية، بل يمتد ليشمل كل دول العالم، بحيث يصبح أي خطر ولو كان محتملا ضد مصالحها في منطقة ما من العالم، يمثل تهديدا مباشرا لأمنها القومي الداخلي، وكأن هذا الخطر يهدد ولاية من ولاياتها السيادية، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التي لا يهددها النظام السوري، ولم يهاجمها منذ وقف إطلاق النار في الجولان قبل عقود.. ومع ذلك، فمجرد تصور وجود تهديد مستقبلي محتمل يمثل تهديدا جديا لأمنها القومي، وخطرا محدقا يجب التعامل معه عبر مواجهته بشكل إستباقي وكأنه خطر قائم ‘الآن’ على أبوابها.
في معنى تصريح الوزير ‘لافروف’
وعودة لكلام السيد ‘لافروف’، فإن ما أشار إليه من أن: “روسيا لن تتدخل في حرب ضد أحد”، يفهم في إطار ثلاث سيناريوهات محتملة:
الأول: سيناريو الحرب النفسية
ومفاده، أن لا حرب قادمة ولا من يحزنون، وأن كل ما يقال حول حتمية الحرب ضد سورية هي زعزعة بلا طحين، ومجرد بهرجة وتهويل، وحرب نفسية دولية، الهدف منها الضغط على سورية للقبول بإدراج بند نزع ترسانة السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري وصواريخها الباليستية التي تهدد أمن إسرائيل والسعودية، في أجندة التسوية السياسية لمؤتمر جنيف للسلام.
وفي سبيل ذلك، زار سلطان قابوس طهران لإقناع الإمام ‘علي خامنئي’ بالضغط على سورية من أجل القبول بالشروط الأمريكية مقابل القبول ببرنامجها النووي السلمي شريطة أن لا تطالب بنزع السلاح النووي الإسرائيلي، ومن ثم يتم القبول برفع الحصار الإقتصادي عنها. وهو ما لا يبدو أن إيران قبلت به من منطلق إصرارها على عدم الخلط بين الشأن السوري والشأن الإيراني، إحتراما لسيادة كل دولة على حدة، ولأن سورية ليست ولاية تابعة لإيران لتقرر عنها في شأن يمس أمنها القومي.
وبموازات هذه الزيارة، قام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السفير الصهيوني ‘فيلتمان’ بزيارة طهران والإجتماع مع الحكومة الإيرانية الجديدة لإبلاغها بأن الغرب مقتنع تماماً بأن نظام الأسد هو الذي استعمل الكيميائي، وأنه ارتكب خطأ تاريخياً في ذلك ويجب أن يعاقب، رابطاً بين العقاب ومؤتمر “جنيف 2″، بالإشارة إلى أن أحد أهم شروط المؤتمر هو عودة التوازن إلى الميدان وهو حالياً مفقود، وفق ما كشفت عنه صحيفة ‘السفير اللبنانية أمس الإثنين. ثم أشار ‘فيلتمان’ إلى إمكانية توجيه ضربات محدودة، لا تقصم ظهر النظام، لكنها تفتح المجال أمام المعارضة للتقدم في نقاط معينة. فجاء الجواب الإيراني على إشاراته سريعاً، من خلال القول: “سيد فيلتمان، إن كنتم جديين في سعيكم لإنجاح ‘جنيف 2 ‘، فعليكم بزيارة دمشق”. وهو ما ينسجم مع موقف إيران المبدئي باحترام قرار حليفتها سورية، وعدم إتخاذ أي موقف نيابة عنها.
و واضح أن الهدف من هكذا مقاربات فاشلة، التي تعتمد سياسة “الجزرة و العصا”، هو كسب بالسياسة ما لم تستطع الإدارة الأمريكية تحقيقه خلال سنتين ونصف من الحرب الكونية المدمرة ضد سورية، ما من شأنه تحويلها في حال القبول بالشروط الأمريكية، إلى بلد ضعيف منزوع الأسنان والأظافر، فتنتهي مخاوف إسرائيل التي تعتبر السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري سلاحا رادعا مقابل سلاحها النووي، لأنه في حال إستعمال الرئيس الأسد لما يسميه المحللون العسكريون بـ”رائحة البصل” ضد إسرائيل، فسيباد شعب الله المختار لا محالة.
وفي حالة سيناريو الحرب النفسية، فإن روسيا وكما قال ‘لافروف’، “لن تدخل في حرب ضد أحد”.. وكفى الله المؤمنين القتال. لكن هذا السيناريو سقط ولم يعد قائما بعد رفض إيران القبول بالشروط الأمريكية نيابة عن سورية.
الثاني: سيناريو الضربات العسكرية المحدودة
وهو الخيار الذي يبدو أن الإدارة الأمريكية إتخذته وعرضته على حلفائها في إجتماع ‘عمان’ بالأردن’ أمس الإثنين. وبرغم تحفظ ألمانيا وإيطاليا، يبدو أن فرنسا وبريطانيا وتركيا والسعودية أبدوا حماسة كبيرة للمضي قدما خلف الإدارة الأمريكية في تنفيذ هذا السيناريو الذي يهدف أساسا إلى إعادة توازن القوة على الأرض بين الجيش العربي السوري و”المعارضة” كورقة لفرض شروطهما أثنان مفاوضات “جنيف 2″ المعلقة.
وتجذر الإشارة أن هذا التحالف الهجين لا يمثل حلف الناتو الذي تعتبر روسيا تدخله في الصراع الروسي خطا أحمرا قد يغير من قرارها بـ”عدم التدخل في الحرب ضد أحد” كما ألمح الوزير ‘لافروف’ في مؤتمره الصحفي موضوع هذا التحليل.
وعليه، فالضربات العسكرية المقررة في إطار هذا السيناريو تعتبر عمليات جراحية موضعية، هدفها القضاء على القدرة الصاروخية والجوية والتكنولوجية المتطورة، وضرب البنية العسكرية التحتية السورية، من مراكز قيادة وسيطرة، ومطارات، وردارات، وشبكة إتصالات، وغيرها… وفي تقدير الإدارة الأمريكية، أن نجاح هذه الضربات في فترة زمنية معقولة، سيمكنها، بالإضافة إلى إعادة التوازن على الأرض بين أطراف الصراع، من السيطرة على مخازن السلاح الكيماوي الإستراتيجي السوري، وذلك من خلال فرق كومادوز تدخل من الأردن بغطاء ناري جوي كثيف ضد الجيش العربي السوري، لنقل هذا السلاح الفتاك خارج سورية. وهذا هو الهدف الحقيقي الذي يرجى تحقيقه من رواء سيناريو الحرب المحدوده حماية لأمن إسرائيل وضمان إستمرار تفوقها العسكري في المنطقة.
وهناك حديث في واشنطن عن عزم الإدارة الأمريكية على إستعمال طائرات الشبح إنطلاقا من قاعدة العيديد القطرية، تجنبا للرادارات والصواريخ السورية، بموازات صواريخ كروز وطوماهوك التي ستطلق من البوارج الحربية المرابدة قبالة الشواطىء السورية.
وتقول مصادر أن هدف الضربة سيكون عقابيا وردعيا في نفس الوقت، وأن الحرب لن تدوم طويلا، وأنها ستندلع خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يأشر إلى أسبوع أو أكثر قليلا. وذلك خوفا من أن تتخذ الحرب مسارا متدرجا يكون سببا في إشعال المنطقة بالكامل.
أما إسرائيل فقالت أن تدخلها سيقتصر على السيطرة على السلاح الكيماوي لنقلها خارج سورية، وأنها لن تشارك في المواجهة العسكرية إلا في حال تدخل حزب الله بمهاجمتها.
وفي هذه الحالة كذلك، فإن روسيا “لن تدخل الحرب ضد أحد”، كما قال الوزير ‘لافروف’، لأن الخطوط الحمراء التي وضعتها موسكو، والتي تشمل إسقاط النظام بالقوة في سورية، والإنزال البري لحسم الصراع على الأرض وتفتيت الجيش السوري وتقسيم البلاد، غير واردة ضمن أهداف الحرب الأمريكية الموضعية.
ومن شأن مثل هذه الإستراتيجية إن هي حققت أهدافها الإفتراضية، أن تنهي دور سورية السياسي و العسكري في المنطقة، سواء في إطار محور المقاومة أو الصراع العربي الإسرائيلي لعشرات السنوات القادمة، خاصة وأن إستنزاف الجيش العربي السوري سيستمر لعشرات السنوات إن إقتضى الأمر (وفق تصريح ديمبسي الأخير)، في مواجهة عصابات التكفيريين وفلول الجيش “العلماني” الجديد الذي تعده أمريكا وحلفائها في الأردن، مع إستبعاد الإسلاميين من صفوفه، وتدريبه وتجهيزه بما يلزم من عتاذ وتكنولوجيا، تسمح له بخوض الحرب على الإرهاب، وتحضيره ليكون جيشا “وطنيا” بديلا عن الجيش العربي السوري مستقبلا، خوفا من إنهيار الدولة كما حدث في العراق بعد حرب الخليج الثانية، والتي اعتبره المحللون خطئا إستارتيجيا كبيرا إرتكبته إدارة بوش، جعل من العراق لقمة صائغة سقطت في يد إيران بعد الإنسحاب الأمريكي المذل منه.
وللإشارة، فهذا السيناريو وإن كان لا يسعى لإسقاط النظام في هذه المرحلة المبكرة تحسبا لرد الفعل الإيراني والروسي، إلا أن إستراتيجية الفوضى الخلاقة ستستمر في سورية وفق ما سبقت الإشارة إليه لإستزاف الجيش العربي السوري حتى ينهار وينهار معه النظام، فتمر أمريكا حينئذ إلى مرحلة تحقيق هدفها الأكبر من الحرب على سورية، ألا وهو تفكيك البلاد إلى دويلات طائفية ومذهبية ضعيفة ومسالمة تدور في الفلك الأمريكي والصهيوني.
إستراتيجية الرد السورية
سورية وحلف المقاومة، في صورة هذا المشهد الذي يحضر للمنطقة، وعلى معرفة دقيقة بكل سيناريوها حلف الشر ومخططاته الخبيثة.. وبطيبعة الحال، أمريكا متخوفة من الرد السوري الذي لن يقتصر على الدفاع من خلال صد الهجمات الصاروخية البحرية والجوية على أمل أن ينتهي العدوان سريعا، بل تتوقع أمريكا أن تلجأ سورية عند أول ضربة إلى شن هجوم بالصواريخ بمعية حزب الله على الكيان الصهيوني لتربك حسابات الحلفاء، وخصوصا السعودية والأردن وتركيا، ما سيغير معادلة الصراع بالكامل، وسيثير حماسة الشعوب العربية والإسلامية، بل والغربية المناهضة للحرب، وهذا مكسب معنوي يعطي لمحور المقاومة شحنة معنوية قوية وبعدا أخلاقيا واسعا.
وهذا بالضبط ما تتخوف منه أمريكا بشكل كبير، لأنها تعلم علم اليقين أن الهجوم على إسرائيل هو خيار سورية وحزب الله الذي طال إنتظاره، ومن شأنه حسم الصراع مع العدو الصهيوني وتغيير وجه المنطقة إلى الأبد.
من هنا نفهم تردد الإدارة الأمريكية منذ البداية في إعتماد الخيار العسكري، وقد حذر الجنرال ‘دمبسي’ القيادة السياسية الأمريكية قبل أيام بقوله، أن الخيار العسكري ضد سورية لا يخدم المصلحة القومية الأمريكية وعارضه بشدة. وعندما واجه وزير الدفاع ‘هاغل’ القادة السياسيين والعسكرين الصهاينة بهذه الحقيقة، أكدوا له جميعا أن الرئيس الأسد لن يجرأ على إتخاذ قرار خطير بمهاجمة إسرائيل، وأنه في حال أقدم على مثل هذا الخيار فإسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها ورد الصاع صاعين لإعادة سورية إلى العصر الحجري.
والحقيقة أن كل المؤشرات تقول أن الإسرائيلي لا يستطيع مواجهة سورية وحزب الله في حرب قد تعيد ما تبقى من شعب ‘يهوه’ إلى زمن التيه والضياع. لكن الإسرائيلي يخادع، ويراهن بقوة في مواجهته المقبلة على دور السعودية في تحريك فلول التكفيريين المسلحين المتواجدين في شمال لبنان من جبهة النصرة والقاعدة وعناصر المرتزقة من الجيش الحر، والتي تقاطعت أنباء عن أن عددهم يصل بالفعل إلى حوالي 50 ألف مقاتل، ليهاجموا حزب الله في معاقله بالضاحية من الشمال، في حين أعدت إسرائيل جيشا من العملاء من عرب الـ48 ودربتهم وسلحتهم بشكل جيد، بالإضافة إلى 6 فرق من التكفيريين الذين تشرف عليهم مباشرة من الجولان، ليتولوا جميعا الهجوم على حزب الله من الجنوب والشرق، تحت غطاء قصف جوي سجادي بقوة نار هائلة على معاقل حزب الله والجيش العربي السوري، بعد أن يكون الجيش الأمريكي والحلفاء أنهوا مرحلة تدمير القوة الصاروخية وسلاح الجو السوري في ظرف زمني سريع، ما سيجعل سورية غير قادرة على التأثير في مسار الحرب ضد إسرائيل، وحزب الله سيكون ضعيفا مشتت القوى بين مواجهة التكفيريين القادمين من الشمال والشرق وعربان 48 من الجنوب، والقصف الإسرائيلي المتواصل من البر والبحر والجو.
هذا السيناريو شجعل الإدارة الأمريكية وحلفائها على المضي قدما في خيار سيياريو الضربات الجراحية الموضعية. وخلال مراحل تنفيذ هذا السيناريو كذلك، فإن روسيا لن تتدخل ضد أحد كما قال الوزير لافروف، بل وحتى إيران لن تتدخل. وسيقتصر تدخل هذين الحليفين بشكل غير مباشر، من خلال إمداد الجيش العربي السوري وحزب الله بما يلزم من سلاح ووسائل دفاع وهجوم، تمكنهما من الصمود وإفشال مخططات واشنطن وإسرائيل، إن لم تتحقق المعجزة وينقلب السحر على الساحر فتهزم إسرائيل.
وهنا، ستدخل المنطقة ما يمنكن تسميته بسيناريو الكارثة، بحيث ستتدخل أمريكا وحلفائها لإنقاذ الكيان الصهيوني من السقوط المريع، ما سيستتبع حتما تدخل إيران لتتوسع الجرب فتشمل الأردن والسعودية وتركيا.. وفي حال تدخل الناتو لحماية تركيا بإتبارها عضوا في منظونته، وهو ما يعتبر خطا أحمرا بالنسبة لروسيا، فستتدخل هذه الأخيرة لإعادة التوازن وفرض خيار إنهاء الحرب وفق شروط لن تكون قطعا في صالح أمريكا وحلفائها المقامرين الطامعين في فوائد ما بعد الحرب، كما هي عادة كلاب الحي عندما تلهث وراء موائد اللئام.
هذا هو المشهد الذي يرتسم في الأفق القريب وفق المعطيات والمعلومات المتوفرة حتى الآن، وهذا ما يظهر جليا نتيجة التحليل إنطلاقا من مقدمات الحرب التي أصبحت أكثر من مكشوفة ومعروفة الأهداف والمآلات والتداعيات.
وعقدة المنشار الوحيدة التي تقف في وجه مخطط الإدارة الأمريكية لبدأ سيناريو الضربات الجراحية، هو المبرر الأخلاقي لشرعنة الهجوم من خارج غطاء الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يبدوا صعب المنال حتى الآن، برغم محاولة إدارة أوباما وحلفائها الفرنسيين والبريطانيين إقناع شعوبهم بأن معلومات مخابراتهم تأكد أن النظام السوري إستعمل السلاح الكيماوي ضد شعبه، ودمر الأدلة على الأرض قبل وصول فرق المفتشين، ولوكان ليس لديه فعلا ما يخفيه لما تأخر في الموافقة على زيارة فريق الأمم المتحدة للمواقع التي استخدم فيها السلاح الكيماوي.
وتعمل الآلة الإعلامية الأمريكية الجبارة واللوبي الصهيوني والسعودي في أمريكا على تغيير الصورة في الغرب من خلال الضغط السياسي والمال الحرام للتأثير على الرأي العام الغربي وتغيير موقفه من خلال تقديم الأسد كديكتاتور يقتل شعبه بالصواريخ الباليستية والطائرات ويبيد المدنيين الأبرياء وخصوصا الأطفال بالسلاح الكيماوي. وهو ما أشار إليه الوزير ‘لافروف’ في ندوته الصحفية، حين استنكر الكم الهائل من الصور المبركة المنشورة على النت حول هذا الموضوع.
حيث اعتبر ‘لافروف’ أن حرية الإنترنت أصبحت تستخدم لغايات ومصالح أنانية سلبية على حساب المبادىء الأخلاقية، وذلك باعتماد أسلوب الكذب والتزوير والخداع، ما يؤشر لإنحطاط أخلاقي يشكل إعتداءا على قيم الحرية، واحترام القيم في المجتمعات التي لها آلاف السنين من الحضارة، فيتم التلاعب بالقوانين الدولية لتغيير قيم هذه المجتمعات بالقوة وما تخلفه من أضرار جانبية تشكل إستخفافا بحقوق الإنسان واعتداءا سافرا على أقدس المقدسات، ألا وهو الحق في الحياة.
وزير خارجية سورية ‘وليد المعلم’ قال اليوم: “سورية أمام خياران، إما الضربة العسكرية والإستسلام، أو الدفاع عن النفس، وسورية إختارت الدفاع عن النفس ولن أذهب في الشرح أبعد من هذا”. وهو ما يعني أن سورية قررت العيش بكرامة أو الموت بشرف.
ووردت معلومات اليوم، تأكد أن مجموعة من الطيارين السوريين بعثوا بطلب إلى القيادة السورية لتسمح لهم بالقيام بهجوم إنتحاري ضد البوارج الأمريكية في المتوسط، على شاكلة ما قام به اليابانيون ضد الأسطول الأمريكي السادس في مرفأ “بيرل هاربر” البحري، فألحقوا به خسائر فادحة.
من جهة أخرى، هناك حديث يدور في كواليس واشنطن ومفاده، أن من بين أهداف الضربة العسكرية المحتملة، إستهداف الرئيس بشار الأسد لحسم الحرب بأسرع وقت ممكن لصالح قوى الشر، وهو ما تنكره الإدارة الأمريكية خوفا من إثارة غضب الروسي.
خلاصـــــــــة
وخلاصة القول، أن الضربة قادمة لا شك فيها، وأن حركة تمرد المصرية التي تستحق التحية بالمناسبة، دعت جماهير الشعب المصري والعربي للخروج في تظاهرات حاشدة على إمتداد الوطن العربي للإحتجاج ضد الحرب الصهيوأمريكية على سورية، لأنه إذا ضربت سورية ستضرب مصر بعدها وسينتهي شيىء إسمه الوطن العربي إلى الأبد.
الوضع خطير، وخطير جدا أيها السادة، وقد آن الأوان للتحرك على كل المستويات، كل من موقعه، وحسب قدرته للمشاركة في التنديد بالحرب القادمة، والوقوف مع سورية ومحور المقاومة الذي يدافع اليوم عن الأمة، كل الأمة، بمختلف طوائفها، ومذاهبها، ومشاربها، وتوجهاتها.. وذلك أضعف الإيمان..
لأنه معا، نستطيع تغيير التاريخ و وجه المنطقة.
خاص بانوراما الشرق الاوسط