مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2022/07/30 13:44
إصلاح أوضاعنا لا يكون بالعسكرة

 

إن مجرد التفكير بعسكرة الثورة، في مواجهة نظام يملك ميزان قوى أفضل بالمعنى التنظيمي ومركزية القرار، إضافة للتفوق في نوعية التسليح و العتاد الحربي، ناهيك عن سلاح الطيران الذي يمكنه تغيير المعادلات القتالية، و خاصة بغياب توازن في التحالفات الإقليمية و الدولية تدفع لتحييد هذا السلاح، إن مجرد التفكير بعسكرة الثورة وفق هذه المعطيات يشكل خطأ قاتلاً، و يمنح النظام تفوقا قتاليا بالضرورة.

 

فقرة مأخوذة من مقالة الأستاذ أنور بدر بعنوان "عسكرة الثورة السورية و الأخطاء القاتلة"التي سنقوم بنشرها الأسبوع المقبل إن شاء الله  في الموقع

 

عندما قابلت في مشهد الإيرانية بعض الأخوات السوريات، كان موقفهن مؤيد لنظام الحكم في سوريا و بالنسبة لهن الخروج عن سلطة نظام البعث كان خطأ فادحا، و عند إستماعي للاجئة سورية مقيمة في الجزائر موقفها كان كما يلي "طيب النظام ظالم لكن له رب يتولاه، اللوم علي المعارضة التي تتصدر صالونات  خمسة نجوم في الدول الأجنبية تاركة مواطنين سوريين بين قتيل و مشرد خارج حدوده."

 

أما رأي المتواضع، فلدي هذه القناعة المبنية علي هذا المعطي التاريخي "خروج بنو امية علي خلافة سيدنا علي رضوان الله، كبد العالم الإسلامي خسائر فادحة غير قابلة للعلاج للأسف إلا في حالة واحدة : إن فكرنا كمسلمين بضمير نحن و إجتهدنا في إصلاح علاقتنا بالله العلي القدير حينها فقط بإمكاننا النظر جديا في مشروع نهضة جامع لا يستثني أي مسلم في ديار الإسلام."

و بالعودة إلي الملف السوري مثل كل الأنظمة الوضعية التي إنبثقت عن إنقلابات أو جلاء قوات الإستدمار،  نظام الحكم في سوريا مثله في مصر و السعودية نتاج نظام التجزئة، نظام التفرقة و المصالح الضيقة لطبقة حاكمة مستبدة و فاسدة، كانت عسكرية أو مدنية أسر نافذة أو مجموعات ذات نفوذ.

نظام الحكم الذي يحكم العالم العربي منذ 60 سنة خلت، أفرز شرائح واسعة من نخب و مواطنين ذات التوجهات الفكرية الوضعية المتصادمة و اقلية من تطالب بالعودة إلي ما كانت عليه الحياة قبل الغزو الصليبي للعالم العربي الإسلامي أي إعادة ربط سياق وجود الشعوب المسلمة بالشريعة الإسلامية و النهوض ثانيا بعد إنحطاط مريع و هذه الأقلية في زمننا الحاضر لا وزن لها في واقع مليار مسلم و علي وجه الخصوص في دول نظام التجزئة العربي.

ما وقع في سوريا في 2011، كانت بداياته سليمة طبقا لمنطق "إدفع باللتي هي أحسن"*1 لكن فيما بعد، مقابلة قمع النظام السوري بالمواجهة المسلحة، كان إيذان رهيب بدخول سوريا نفق دموي لا مخرج له.

غياب وحدة الصف و الإنشقاقات المختلفة التي عرفتها الساحة المسلحة و هل يعقل مواجهة جيش نظامي سوري له التفوق في العديد من المجالات ؟

و الولاءات المتضاربة قضت علي مصداقية معارضة سورية كان الأحري بها الحفاظ علي مبدأ المعارضة السلمية لتجنيب الشعب السوري مآسي الموت و التشريد و تدمير البلاد و إحتلالها من طرف قوات أمريكا و روسيا.

إن إفتقدت من تسمي نفسها بالمعارضة لأنظمة الإستبداد للبصيرة النافذة و الحكمة، من سيدفع الثمن هم طبعا الأبرياء. و أقولها بصراحة في الوقت الحالي لا أري نهاية للنفق الذي دخلناه منذ الإستقلال الصوري لدولنا، فالولاء القطري الضيق زرع الحقد و الكره بين شعوب مسلمة و باتت هموم الدنيا مستولية علي أذهان الناس و أما الأمر الإلهي "فإستقم كما أمرت"*2 فلا يعبأ به أحد...

نبحث عن حلول خارج النهج الرباني الذي إختاره لنا رب العباد منذ 1400، فكيف سيستقيم مسعانا هذا ؟

من يعمل من الأنظمة العربية علي مواجهة مطالب شعبه بالقمع أو حلول غريبة عن هويته الدينية و إنتماءه الحضاري، واهم. فهو لا يقوم بتقديم حلول إنما يؤجل الإنفجار إلي حين فقط...

*1الآية 34 من سورة فصلت

*2 الاية 112 من سورة هود

 

أضافة تعليق