مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2024/01/21 18:11
نتنياهو والعماليق والبقرات الحمر

أشار أبوعبيدة المتحدث باسم كتائب القسام إلى خطورة الوضع في الأقصى وقال: "أحضروا البقرات الحمر تطبيقًا لخرافة دينية مقيتة للعدوان على مشاعر أمة كاملة".

البقرات الحمر هي بقرات ينتظر اليهود ذبحها لهدم المسجد الأقصى وبناء المعبد الثالث، ويشترط أن يكون لونها كله أحمر، ولم تحمل ولم يحلبها أحد ولم يضع أحد حبلًا في رقبتها، وبعد وجودها سيقتحم ملايين من اليهود المسجد الأقصى لتدميره؛ إذ تحرم الحاخامية الكبرى دخوله بسبب النجاسة!! والتي تزول بعد ذبح البقرات وحرقها ونثر رمادها على الأقصى والاغتسال برمادها للتطهر.

وقد استورد الصهاينة في يونيو من العام الماضي هذه البقرات من أمريكا تمهيدًا لهدم الأقصى بعد تدنيس باحاته بإقامة الطقوس التلمودية بها وتقديم القرابين فيها وتقسيمها.

ولنتخيل لو كان العرب أو المسلمون هم الذين لديهم هذه المعتقدات؛ فكيف كان سيكون رد الفعل في العالم؟

قامت حرب طوفان الأقصى لوقف هذا المخطط الصهيوني وفضح كذب الإدعاء بعلمانية إسرائيل وحلفائها في الغرب؛ على سبيل المثال بلينكن الذي زارها كيهودي وبايدن الذي يعتز بأنه صهيوني.

يخطئ الكثيرون عندما يتمنون زوال حكم نتنياهو ويرونه حلًا، وكأن من سيأتي بعده سيحمل أغصان الزيتون، والتاريخ يؤكد أن قادة الصهاينة يختلفون "فقط" في الأسماء والأشكال والكلمات، ويتفقون في سواد القلوب والتفنن في العدوانية والكراهية للعرب في كل زمان ومكان، ولا يختلفون سواء كانوا يمينيين أو يساريين؛ وإلا لماذا لم نسمع أو نقرأ أي اعتراض من أي صهيوني على الإبادة الجماعية؟ ولا على التحريض على المزيد من المقتلة في غزة وفلسطين، وعلى سبيل المثال لا الحصر نتوقف عند ما قاله مذيع إسرائيلي يهدد العرب بأنهم قادمون لذبح العرب، وسيرون ما لم يحدث في التاريخ العربي والقتل القادم قتل ومجازر لن تتخيلوها، ولو قاطعنا العالم كله وأمريكا سنقتل منكم ومن يساندكم وسنأتي لتدميركم. 

صدق نتنياهو، وهو الكذوب، عندما وصف الفلسطينيين بالعماليق؛ فهم القوم الجبارين في تحملهم وصبرهم وشجاعتهم ويقينهم بالنصر وجرأتهم وهم يقاومون بأبسط المقومات التي لا تقوم بها حياة "ويصطادون" أحدث الدبابات وينصبون الكمائن لجنود الصهاينة وهم يرتدون ملابس بسيطة ويصنعون أسلحتهم ويضاعفون قوتها بصدق إيمانهم.

طالب المفكر الأمريكي كورنيل ويست بتقديم الجيش الصهيوني ونتنياهو لمحكمة الجنايات الدولية، ويؤكد على نوايا نتنياهو وحكومته على ارتكاب جرائم إبادة جماعية بذكره العماليق.

ذكر نتنياهو نصًا من التوراة يتحدث عن العماليق؛ يقول: "وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم، بل اقتل رجلًا وامرأة وطفلًا رضيعًا وبقرًا وغنمًا وجملًا وحمارًا، وأرسلك الرب في طريق وقال اذهب وحرم الخطاة عماليق وحاربهم حتى يفنوا".

وشاهدنا ضباط وجنود صهاينة ينشدون نشيد الحرب ومن كلماته: "سنذهب لنقتل أطفالهم وندمر العماليق"، ويغنون من أجل احتلال غزة ومحو بذرة العماليق ويؤكدون: "لا يوجد مدنيون أبرياء في غزة".

تعمد نتنياهو ذكر العماليق ليحشد اليهود حوله وليمنح الإبادة غطاءً دينيًا ويبرر قتل 5 أطفال كل ساعة منذ بداية الحرب، ويتوعد أطفال الصهاينة أطفال فلسطين بالذبح ويهدد الصهاينة أهل غزة بالقتل أو الاستسلام أو الرحيل.

وكأن الفلسطينيون أصحاب الأرض وأصحاب الحق التاريخي بها هم الأعداء الذين يشكلون الخطر الوجودي، وليس من يكافحون لحماية وجودهم وأرضهم التي "تتآكل" يوميًا بزيادة الاستيلاء على مساحتها واحتلال مزيد من الأرض في الضفة والضغط عليهم في الضفة لتهجيرهم إلى الأردن وفي غزة لتهجيرهم إلى مصر.

احتفل عضو الكنيست الإسرائيلي السابق الحاخام يهودا غليك ببلوغ حفيده في المسجد الأقصى، بينما يحرمون المسلمين من الصلاة فيه.

قال رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينت: "لقد مزقنا أنفسنا من الداخل، وانهارت دولة إسرائيل الرسمية فرأى أعداؤنا ذلك وهاجمونا، تمامًا كما فعل العماليق"، ويرى رجال الدين الصهاينة أن العرب والفلسطينيين هم العماليق؛ الذين أمرت التوراة اليهود بقتلهم، فهم أعداء لا يمكن التفاوض معهم، وقمعهم بوحشية أمر طبيعي جدًا، ومنهم حاييم صوري الذي يقول: "هناك عماليق في كل جيل، عماليق جيلنا هم العرب الذين يقفون في وجه إحياء وجودنا القومي على أرض أجدادنا".

قال الصحفي شمعون ريكلين ومقدم برنامج في القناة 14 الصهيونية: "لست مهتمًا بالانتقادات التي ستوجه نحوي لكنني أعترف أنني أريد هدم المزيد والمزيد والمزيد من البيوت في غزة حتى لا يبقى لهم مكان يعودون إليه."

تلقى نتنياهو دعمًا غير مسبوق من أمريكا والغرب وإصرار على رفض وقف إطلاق النار رغم الانقسام الداخلي في إسرائيل وكثرة النيران الصديقة وهي دليل على التخبط العسكري ونفقات الحرب تزداد يوميًا، ونتنياهو يريد إطالة الحرب هربًا من المحاكمة، الجيش يريد ذلك أملًا في استعادة بعض من صورته التي انهارت داخليًا وخارجيًا، وقد تماسكت الجبهة الداخلية للصهاينة بعد صدمة 7 أكتوبر، ثم اهتزت للخسائر التي يخفيها الجيش ويعلمها أسر الضحايا بالطبع وجيرانهم وأصحابهم..
 
وطالب باراك  بوقف الحرب بسبب الخسائر وفشل نتنياهو وقال: "لا توجد إمكانية لتحقيق الأهداف واستحالة نزع سلاح حماس"، وتجاهل الحديث عن الصمود "الأسطوري" لغزة كبارًا وصغارًا نساءً ورجالًا وتمسكهم بالبقاء ورفض التهجير والتكاتف ومد العون لبعضهم البعض والتشبث "واليقين" بقرب النصر.

*نقلاً عن بوابة الأهرام 

أضافة تعليق