الحرية، ومثلها الكرامة، ومثلها العزة، على بريقه الأخّاذ، والهالة الجميلة التي يقيمها عامة الناس حولها، فإن المدقّق في نظرات الناس لها يجدهم متفاوتين حولها. فمنهم من يجعلها قيمة عُليا لا تقبل النقاش، فضلًا عن المساومة، وبالتالي فلديه الاستعداد لبذل كل شيء مقابل التحلّي بها والحفاظ عليها، ولو تطلّب الأمر بذل الأعمار والنفوس، فضلًا عن الأموال.
ومنهم من يتعامل معها كسلعة يمكنه شراؤها والتجمّل بها متى رأى نفسه محتاجًا لها، ومتى رأى أن كلفة شرائها لن ترهقه، ولن تحمّله من الأمر فوق ما لا يرغب، وبالتالي فلديه الاستعداد للتخلّي عنها والتضحية بها متى ما أثّرت على سكينته، أو هدّدت منصبه، أو عرضته أو محيطه لبعض التكدير أو الخطر.
ومنهم من يتخذها مجرد شعار يُجمّل به صورته، أو صورة المستبد الذي يصفّق له، وهذا تجده في الغالب يتحدث عن تطبيقات للحرية ليست هي التي في عقول عامة نشّاد الحرية ولا طلابها. فبينما يتحدث الأولون مثلًا عن حرية وطن، أو حقهم في اختيار حاكم أو نظام، تجد هذا يتحدث عن حريته في الانتقال من مكان إلى آخر، أو حقه في انتقاد مدرب الفريق الرياضي الذي يشجّعه، أو ديكور المطعم الذي يتناول فيه طعامه، وهكذا.
وقِسْ على ذلك مثل العزة والكرامة، وحق البلدان في السيادة واستقلال القرار.
وإشكالية كثير من أحرار المثقفين وعشاق الحرية ليست كامنة فقط في خلطهم بين زوايا النظر تلك، وفقدانهم الطريقة الصائبة في التعاطي مع أصحابها، بل وأيضًا في اعتقادهم كون الحرية قيمة مطلقة لدى الجميع، وأن الكل لديهم استعداد للمغالاة في دفع أثمانها.
مع أن من عاش في أجواء العبودية، وتشرّبت نفسه حياتها، فإنه وإن أعجبته مسمّيات مثل العزة والكرامة والحرية وألبستها البراقة، فإنه يفضّل مسار العبودية الذي أُشرِبَه وسار عليه، ولذا فهو لا يودّ الحرية ولا يأنس بأجوائها، فضلًا عن أن يرغب في دفع تكاليفها الباهظة، ويعرض نفسه لمشقّاتها الكبيرة، وإن غنّى لها وأكثر الصراخ والتصفيق.
والحقيقة أن نتائج هذا الخلط كارثية، سواء أكان ذلك على مستوى الوعي، أم على مستوى قيادة الممارسة، أو حتى الحوار والتواصل.
وأن أمام كثير من شداة الحرية ومناضليها في كثير من بلدان الأمة، القيام بمراحل طويلة من التوعية والتربية لبيئاتهم، قبل أن يكونوا قادرين على نقش صروح الكرامة والحرية في أوساطها.
والله الهادي
ومنهم من يتعامل معها كسلعة يمكنه شراؤها والتجمّل بها متى رأى نفسه محتاجًا لها، ومتى رأى أن كلفة شرائها لن ترهقه، ولن تحمّله من الأمر فوق ما لا يرغب، وبالتالي فلديه الاستعداد للتخلّي عنها والتضحية بها متى ما أثّرت على سكينته، أو هدّدت منصبه، أو عرضته أو محيطه لبعض التكدير أو الخطر.
ومنهم من يتخذها مجرد شعار يُجمّل به صورته، أو صورة المستبد الذي يصفّق له، وهذا تجده في الغالب يتحدث عن تطبيقات للحرية ليست هي التي في عقول عامة نشّاد الحرية ولا طلابها. فبينما يتحدث الأولون مثلًا عن حرية وطن، أو حقهم في اختيار حاكم أو نظام، تجد هذا يتحدث عن حريته في الانتقال من مكان إلى آخر، أو حقه في انتقاد مدرب الفريق الرياضي الذي يشجّعه، أو ديكور المطعم الذي يتناول فيه طعامه، وهكذا.
وقِسْ على ذلك مثل العزة والكرامة، وحق البلدان في السيادة واستقلال القرار.
وإشكالية كثير من أحرار المثقفين وعشاق الحرية ليست كامنة فقط في خلطهم بين زوايا النظر تلك، وفقدانهم الطريقة الصائبة في التعاطي مع أصحابها، بل وأيضًا في اعتقادهم كون الحرية قيمة مطلقة لدى الجميع، وأن الكل لديهم استعداد للمغالاة في دفع أثمانها.
مع أن من عاش في أجواء العبودية، وتشرّبت نفسه حياتها، فإنه وإن أعجبته مسمّيات مثل العزة والكرامة والحرية وألبستها البراقة، فإنه يفضّل مسار العبودية الذي أُشرِبَه وسار عليه، ولذا فهو لا يودّ الحرية ولا يأنس بأجوائها، فضلًا عن أن يرغب في دفع تكاليفها الباهظة، ويعرض نفسه لمشقّاتها الكبيرة، وإن غنّى لها وأكثر الصراخ والتصفيق.
والحقيقة أن نتائج هذا الخلط كارثية، سواء أكان ذلك على مستوى الوعي، أم على مستوى قيادة الممارسة، أو حتى الحوار والتواصل.
وأن أمام كثير من شداة الحرية ومناضليها في كثير من بلدان الأمة، القيام بمراحل طويلة من التوعية والتربية لبيئاتهم، قبل أن يكونوا قادرين على نقش صروح الكرامة والحرية في أوساطها.
والله الهادي