مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2016/06/26 14:14
الإرهاب الدولي ودور القوى الدولية فى إدارة الصراعات

    ورقة بحثية فى الشئون الاستراتيجية
    الإرهاب الدولي ودور القوى الدولية فى إدارة الصراعات
   على من تقع المسئولية الدولية ؟ وكيف  تتعامل المنظمات الدولية مع الإرهاب الدولي ؟ 

  إعداد المستشار السياسي /       حسين خلف موسى

                                  
                                                                                                              
      تشكل ظاهرة الإرهاب الدولي واحدة من اخطر التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي فى الآونة الأخيرة والراهنة والتي ظهرت بشدة منذ الستينات من القرن العشرين وحتى الآن مما جعل الكثير من المحللين يعكفون على البحث عن دوافعها وتداعياتها وبواعثها مما جعلهم  يصفونها بالظاهرة السرطانية والتي أصبحت تهدد السلام العالمي اجمع . ولعل أكثر صور الإرهاب الدولي خطورة هو الإرهاب الذي ترعاه بعض الدول فى الخفاء محاولة منها التنصل أمام العالم عن مسئوليتها عنه وقد تباينت الأسباب والدوافع المحركة لهذه الظاهرة مع بعضها البعض الامر الذى حال دون إقامة جبهة للتصدى للإرهاب الدولي والقضاء على أسبابه من جذورها
  • تعريف الإرهاب الدولي وتحليل مصادره وأسبابه : terrorism

يعرف الإرهاب الدولي بأنه ( التطرف فى استخدام أو التهديد باستخدام العنف لأغراض سياسية ) وتكمن خطورة الإرهاب فى عمق ما يمكن أن يحدثه من صدمة نفسية لدى من يكون مستهدفا به و بالتالي فان البعد النفسي فى عمليات الإرهاب يصبح هو البعد الاساسى والاهم بصرف النظر عن حجم النتائج فى استخدام العنف والتطرف )
 بينما نظر البعض إلى الإرهاب الدولي  على انه  ظاهرة عالمية واسعة الانتشار امتدت لتشمل العديد من الدول رغم اختلاف البيئات والسياسات فيها سؤاء كان يسودها مناخ سياسي ديمقراطي أو التي تسيطر عليها حكومات تعتمد على ممارسة القمع والقهر والإخضاع لاتبدى اى مظهر لتسامح من يعترضها .
  • بيان خطورة الإرهاب الدولي :

* ما جاء على لسان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالى قائلا ( فى السنوات الأخيرة أخذ الإرهاب أبعادا دولية وأصبحت يده تضرب فى مختلف أنحاء العالم ولم يقتصر على منطقة بذاتها أو شعوب بعينها وقد اتسع الإرهاب فى عصرنا وتحول من إرهاب محلى وطني إلى إرهاب عالمي ) فإذا كان هذا هو حال العالم مع الإرهاب وأخطاره المتصاعدة الممتدة فلما  تقاعس العالم عن مواجهته بالحسم الواجب وهنا يذكر الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة قائلا ( لقد تصاعدت الأنشطة الإرهابية لان الإرهاب قد توائم بنجاح مع العالمية  وكذلك نرى التعبير عن القلق الدولي فيما دعا إليه الرئيس الأسبق  بيل كلينتون فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1996م حيث دعا المنظمة العالمية بان تلزم نفسها بالا تتيح للإرهاب الدولي اى مجال للتسامح مهما صغر ، كما طالب جميع الدول بالتصديق على الاتفاقية الدولية المناهضة للإرهاب
  • صعوبة التعامل مع الإرهاب الدولي :

1- يذكر المحللون أن ما يحدث من عنصر المفاجأة بحكم الصدمة النفسية يوفر أداة من أدوات الدعاية العلنية والعاطفية العنيفة  فالإرهاب فى اعتقاد دعاته على اختلاف دوافعهم ومصالحهم وانتمائهم السياسية والفكرية وبيئاتهم الاجتماعية والثقافية هى أكثر الوسائل الفعالة فى تدمير الزعامات وأجهزة السلطة والنيل من هيبة الحكومة  حيث تعمل على تفكيك أوصال الدولة والوصول بها إلى حالة من العجز
2- مما يزيد من مشكلة الإرهاب انه يحمل الكثير من سمات وخصائص الحروب والصراعات التقليدية كذلك الحروب النفسية التي تكون عاملا مهما فى تدمير معنويات الخصم والتعجيل بانهياره وحرمانه من دعم الحكومة والقاعدة الشعبية المؤيدة
3- أيضا من أسباب صعوبة التعامل مع الإرهاب الدولي هو رفض القانون الدولي والموسسات العسكرية معاملة الإرهاب على انه من أعمال الحرب بصورتها التقليدية مما جعل رد فعله ياتى دون المطلوب لبح أعمال العنف  لذلك يجب أن يتم تغير أسلوب المواجهات العسكرية المباشرة للقضاء عليها حيث أن بعض الموسسات تنظر للإرهاب على انه مجرد عصابات دولية .
4-  أيضا هناك عناصر أخرى يجب الإشارة إليها منها العداوات العنصرية والثقافية والدينية وهى عوامل أساسية فى تصعيد النزاعات الإرهابية على المستوى العالمي وهو ما جعل ظاهرة الإرهاب تبقى وتستمر بل وتتطور إلى الاسواء
5- أيضا الصعوبات البالغة فى تحديد المجتمع الدولي بصورة قاطعة للإطراف والقوى والتي تعد مسئولة عن التحريض على الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر لذلك تمثل مشكلة للمجتمع الدولي فى كيفية مقاومة التهديدات والأخطار التي يفرزها الإرهاب مما جعل المحللون يشرون إلى أن هناك نوعان من التضامن الارهابى
Brotherhood of terrorism  الذي ظهر فى أوربا وحل محل الجماعات الإرهابية
6- بعض الدول تتخذ الإرهاب إحدى أدوات سياستها الخارجية الوجهة ضد بعض القوى الخارجية
ويضرب المحللون مثلا لذلك ما حدث بين العراق وإيران عام 1980 اثر اندلاع الحرب بينهما عندما استخدمت الدولتان المنظمات الإرهابية ضد بعضهم للنيل من النظام الحاكم وهيبته وزعزعة امن الدولة وإشاعة موجه من الذعر فى أوساط المدنيين
7- وتمكن الصعوبة الأهم فيما يسمى بالتكنولوجيا الجديدة للإرهاب الدولي  Technology of terrorism  ويمثل أخطرها إنتاج الجماعات الإرهابية لأسلحة نووية انشطارية صغيرة حتى وان كانت فى صورة بدائية  ويقول المحللون أن الخبراء الذين يعملون فى صفوف الجماعات أصبحت ميسورة ومتاح لها استخدام الفيزياء النووية بطرق كثيرة وغير مشروعة وحصولهم على مادة البلوتنيوم التي تدخل فى إنتاج الأسلحة النووية الصغيرة وأجهزة التفجير التي تعمل بها .مثل الصواريخ التي استخدمت فى نسف الطائرة الأمريكية فوق لوكيربى عام 1988 والطائرة الفرنسية التي انفجرت فوق الصحراء الإفريقية عام 1989م وكذلك استخدامهم وسائل تكنولوجية فى تخريب شبكات الكمبيوتر التجارية الدولية
 السؤال هنا هو : ها مدى احتمالية أن تلجا الجماعات الإرهابية إلى استخدام هذه الأنواع من أسلحة الدمار الشامل ضد خصومها القائمين سؤاء كانوا دول أو حكومات أو وزارات ؟
يرى بعض المحللين السياسيين بان احتمالية استخدام الجماعات الإرهابية لمثل هذه الأنواع من الأسلحة ضعيف وذلك لان استخدامها لن يجذب إلى جانبهم مؤيدين لقضائهم وسوف يجلب عليهم نقمة المجتمع الدولي وكذلك  عدم قدرة الجماعات الإرهابية عن الإعلان عن  ما تملكه من أسلحة دمار  حتى لا تتعامل بطريقه جدية وتكسب المجتمع الدولي مصداقية دولية على إجبارهم عن التخلي عن هذه الأسلحة
  • مسئولية الدول والحكومات عن محاربة الإرهاب الدولي

اتسع نطاق المطالبات الدولية الداعية إلى اخذ تدابير دولية فعالة تكفل تحجيم ظاهرة الإرهاب الدولي   وقد ظهرت هذه الاتجاهات الدولية بوضوح خلال المناقشات التي جرت حول مشكلة الإرهاب الدولي فى الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها السابعة والعشرون لعام 1972م اثر مصرع بعض الرياضيين الاسرائيلين فى دورة ميونخ الاسبانية وكان الاقتراح الرئيسي الذي قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة تتمثل فى مشروع الميثاق الامريكى لمنع ومعاقبة بعض أعمال الإرهاب الدولي  ولم يكن وقتها ولم يكن وقتها ليفشل هذا المشروع  بل حصل على تأيد الأمم المتحدة له
ثم أعقب ذلك بعض الاتفاقات الدولية والقرارات والتي نذكر منها ما يلي :
أولا : اتفاقية واشنطن المعقودة فى عام 1971 لمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب وخاصة بعدما تزايد الإرهاب فى أمريكا اللاتينية
ثانيا : اتقافية نيويورك المعقودة فى عام 1972 م الخاصة بمنع ومعاقبة الجرائم الموجهة ضد الأشخاص المتمتعين بالحماية الدولية بما فى ذلك المبعوثين الدبلوماسيين وتعتبر هذه الاتفاقية ثمرة مباشرة للجهود الدولية التي بذلتها الأمم المتحدة لحماية أعضاء البعثات الدبلوماسية من مخاطر التعرض لأعمال إرهابية
ثالثا :الاتفاقات الأوربية لقمع الإرهاب فى عام 1977 وقد جاء فى ديباجتها أو نصها أن الهدف من إبرامها هو اتخاذ التدابير اللازمة الفعالة لملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية للحيلولة دون إفلاتهم من المحاكمة والعقاب
رابعا : القرار الصادر عن جمعية الأمم المتحدة عام 1985 والخاص بمناهضة الإرهاب ومعاقبته وكان من أهم بنودها ما يلي :
  • أدانه الجمعية لكل أعمال العنف
  • مناشدة الدول الغير منضمة للاتفاقات الدولية لمكافحة الإرهاب إلى الانضمام
  • دعوة جميع الدول إلى اتخاذ التدابير على الصعيد الوطني من اجل القضاء السريع والنهائي على مشكلة الإرهاب الدولي
  • حث جميع الدول على التعاون الوثيق فيما بينهم خاصة فى مجال تبادل المعلومات وتسليم مرتكبي الأعمال الإرهابية
  • مطالبة جميع الدول بالامتناع عن تنظيم الأعمال الإرهابية فى الدول الأخرى أو التحريض عليه
خامسا : الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1994 حول التدابير المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي والذي كان بمثابة منهجا للعمل الجماعي الدولي ضد أعمال الإرهاب وأساليبه
سادسا : قمة شرم الشيخ لصانعي السلام فى مارس 1996م وعقدت برئاسة مشتركة مصرية أمريكية  وناقشت ثلاث قضايا هى إنقاذ عملية السلام  ومكافحة الإرهاب والعنف  وتوفير الأمن فى المنطقة
 
  • بعض العوائق التي تحيل دون تنفيذ القرارات الدولية الصادرة فى هذا الشأن:

1- انه ما تزال بعض الحكومات التي تبدى ترددا فى التعاون لمكافحة الإرهاب الدولي لأسباب تتعلق بأمنها القومي
2- تباين القوانين والتشريعات الداخلية المختلفة مما يجعلها تساعد الارهابى فى الحصول على وضع اللاجئ
3- عدم التوصل إلى حدود فاصلة بين مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة
4- فى بعض الأحيان تدابير مكافحة الإرهاب تنطوي  على انتهاكات لحقوق الإنسان مثل حق الفلسطينيين فى الدفاع عن أرضهم

* اقتصاد الإرهاب :

    مع تطور النظام الاقتصادي، وتعقد النظام المالي العالمي، وسهولة عمليات تحرك الأموال؛ صار من أهم العوائق ما يتعلق بوضع ضوابط لمكافحة تمويل الإرهاب؛ حيث يواجه الاقتصاد العالمي مخاطر خفية تتصل بتيسير حركة المال، وإزالة كل أشكال الرقابة عنها، حتى أصبحت سريعة، حيث  أن التنظيمات الإرهابية استفادت من تلك التطورات الاقتصادية، وسيظهر فرع جديد في الاقتصاد باسم اقتصادات الإرهاب. فعلى سبيل المثال استفادت بعض التنظيمات الإرهابية من عملة "بيت كوين bit coin"، وهي عملة افتراضية وضعها البعض على الإنترنت كوسيلة للتداول على السلع، واعتمدت بعض المواقع هذه العملة الافتراضية، ووضعت لها قواعد للمقاصة بينها وبين العملات الأخرى.
وفي هذا الصدد، أشارت دكتورة نيفين مسعد الباحثة فى المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية  إلى أهمية الحاجة إلى إضافة بُعد آخر لقضية الإرهاب عند دراستها وتحليلها، وتتعلق بالجانب التقني أو الجانب التكنولوجي؛ حيث أصبحت التعبئة والتجنيد تقوم عن طريق شبكات الإنترنت من خلال وضع برامج للتدريب على الإرهاب عبر الإنترنت. كما أكدت في أن هناك اقتصادًا قائمًا بذاته يُسمى "اقتصاد الإرهاب"، ولديه شبكة مصالح وتحالفات دولية مرتبطة بالجماعات الإرهابية؛ حيث استفادت الجماعات الإرهابية من النظام التكنولوجي وشبكات الخدمات المالية عبر الإنترنت، مثل الإنترنت البنكي، وتجارة الفوركس التي لديها دور كبير في غسيل الأموال، وتمويل هذه التجمعات

خامسًا- معوقات المكافحة:

إن أحدَ أهم عوائق مكافحة تمويل الإرهاب  هي صعوبة توحيد الرؤية على تصنيف الإرهاب، نظرًا لوجود مصالح سياسية، كما نجد أن القوانين في السابق لم تُعطِ اهتمامًا كبيرًا -بما يكفي- لمسألة التمويل، على الرغم من أنها أهم عنصر في قيام واستمرار الجماعات الإرهابية؛ حيث اتجهت القوانين إلى تجفيف مصادر الإرهاب من الجانب الأمني فقط، ولم تهتمَّ بالجوانب الثقافية والاقتصادية.
في المقابل، فأن مسألة الملاحقة الأمنية لعمليات التمويل من خلال محاولة محاصرة منابع التمويل أصبحت أكثر خطورة، لأن الدور السياسي له اليد العليا في قضية الإرهاب، ففي بعض الأحيان نجد أنه ليست لديه الإرادة الكافية لدعم الأجهزة الأمنية عبر الحزم التشريعية والتعاون الإقليمي لكي يكون فعالا في مواجهة الإرهاب.
ففي أحداث 11 سبتمبر، حدثت نقلة نوعية في الآليات الأمنية لمكافحة الإرهاب، وصارت المواجهة مع الإرهاب مواجهة عسكرية، وبدأ توجيه الاتهام ليس لمنظمات بل إلى دول بعينها، وأصبحت المسألة بين أيادي السياسيين ومن يصنعون التحالفات والتوازنات الدولية، وخرجت المسألة إلى حدٍّ ما عن الجانب المهني الأمني إلى أن تكون مسألة سياسية.
فبالنظر إلى المستوى العالمي في الاتفاقيات والتشريعات؛ تُوجد مجموعة من الاتفاقيات الدولية لمواجهة الإرهاب. ونلاحظ أن التمويل ليس هاجسًا قديمًا عند الأنظمة، فهو شيء حديث، وبدؤوا يتحدثون فيه عام 1999، فكان متأخرًا إلى حد كبير. كما أن واحدة من المشاكل الأساسية المرتبطة بعملية مكافحة الإرهاب بصورة عامة هي عدم تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، أو الاتفاقيات الدولية التي ترتبط بأن مفهوم الإرهاب مفهوم مسيس. فبعض الدول تسمي بعض الجماعات بالإرهابية، وبعضها لا تراها إرهابية بل تراها ثورية، فعلى سبيل المثال، في الوقت التي تُصنف فيه السعوديةُ الإخوانَ بأنها جماعة إرهابية، فإن قطر لا تتعامل معها وفق هذه النظرة، وبالتالي يستدعي ذلك إعادة النظر في الآليات التي يتم تبنيها من أجل مكافحة الإرهاب

* تطور ظاهرة الإرهاب الدولي بعد الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 سبتمبر 2001 :

لقد تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 ستمبر عام 2001م لهجمة إرهابية عنيفة حيث اتخذت طابعا مختلفا عن العمليات الإرهابية فى السابق  وقد انطوت خطورة هذا العمل الارهابى على أكثر من دلالة هى :
الدلالة الأولى : الدقة البالغة التي تم التخطيط بها لهذه الهجمة التى كانت متزامنة على رمزيين من رموز الحياة الاقتصادية والسياسية الأمريكية  وذلك باستخدام عدة طائرات 
الدلالة الثانية : فشل أجهزة الإنذار المبكرة فى مجالها الجوى نفسه من اكتشاف وجهة هذه الطائرات
الدلالة الثالثة : أن اكبر دولة فى العالم اقتصادية وسياسية وتكنولوجيا لم تعد بمناي عن الضربات الإرهابية
ومن هنا يمكن القول بان عملية الحادي عشر من ستمبر قد برهنت على مدى التخطيط المحكم والدقة المذهلة ومدى هشاشة الأهداف التي تستهدفها شبكات الإرهاب الدولية .لذلك شكلت عملية الحادي عشر من ستمبر تحول فى تطور مجريات النظام الدولي الراهن حيث أصبح استخدام الشبكات الإرهابية للأسلحة المتطورة والتنفيذ بدقة يمثل شكلا من الصراعات المسلحة على الساحة الدولية

* انعكاسات 11 ستمبر على النظام الدولي

 * وصفها هنرى كيسنجر  وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق بأنها شكلت نقطة تحول فى صياغة النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين حيث دفعت الأنظمة والقوى المنافسة كأوربا الموحدة واليابان وروسيا والصين والهند أن تنضم إلى التعاون الدولي مع الولايات المتحدة بصورة وثيقة وهذا كان لا يحدث قبل 11 ستمبر
* فتحت هذه العمليات الإرهابية الباب لمناقشة بعض القضايا الجدلية الشائكة وأخطرها قضية صراع الحضارات والتي ترى فى الإسلام والحضارة الإسلامية البذرة الرئيسية للعنف والتطرف للإرهاب العالمي .
 

*    تداعيات ما بعد 11 ستمبر على الصعيدين الامريكى والعالمي

أولا على الصعيد الامريكى :
  • بالنسبة للولايات المتحدة كانت نقطة البداية بعد الاقافة من الصدمة هى الحرب التي شنتها على أفغانستان حيث أطلق عليها الحرب الدولية على الإرهاب  ونجحها أن تحشد لهذا الهدف تحالف دولي واسع النطاق ووفر داعما عسكريا لحملتها ضد أفغانستان والتي مكنها من إسقاط نظام طالبان وإقامة حكومة موقته مكانها فى حينها
  • عززت جهود الأمن الداخلي لمنع وقوع مزيد من الهجمات الإرهابية ومعالجة الثغرات والكشف عن الهجمات مبكرا
  • عززت  القوانين والتشريعات لمكافحة ومناهضة الإرهاب
 
ثانيا على الصعيد العالمي :

قيام تحالف دولي لمكافحة الإرهاب  لتنفيذ عمليات عسكرية تقوم بها فى إطار حلف الناتو  بينما اتخذت الدول العربية مواقف متحفظة لاعتقادها أن الحرب على الإرهاب التي يشنها التحالف الدولي امتدت لتشمل منظمات تعبر عن حركات مقاومة مشروعة ضد الاحتلال
وأخيرا نجد
انه بالرغم من أدانه العالم كله للعمليات الإرهابية الا انه لا يزال هناك خلافات دولية حول مفهوم الإرهاب الدولي تحديدا حيث تعتبر الولايات المتحدة النضال الفلسطيني المشروع ضد المحتل إرهابا
 

* الإرهاب الدولي يطور نفسه حاليا باستخدام تكتيك الفوضى الخلاقة

* ظاهرة الإرهاب أصبحت الآن من أكثر القضايا إلحاحًا بين دول الوطن العربي، ولا توجد دولة في المنطقة بمأمن منها؛ حيث يطور الإرهاب نفسه يوميًّا، ويطور آلياته ووسائل تمويله، بشكل يُحتم تطوير وسائل وآليات المواجهة. كما أصبحت هناك شبكات للإرهاب عابرة للحدود، وتأتي مبيعات للإرهابيين من كل مكان حتى من خارج نطاق الوطن العربي، ومن دول تنتمي للشرق الأوسط، أو حتى من دول أوروبية. وقد  أشارت الدكتورة إيمان رجب، باحث أول مشارك بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية؛ إلى أن الإرهاب في الشرق الأوسط أصبح إرهابًا مهجنًا؛ حيث يجمع بين الجريمة المنظمة، ورجال الأعمال المتحالفين مع الجماعات الإرهابية، وأيضًا القوة السياسية المستفيدة بشكل ما من النشاط الإرهابي. وبالتالي صارت ظاهرة الإرهاب اليوم معقدة بشكل كبير.
 
* والحقيقة  أن مسألة التمويل هي مركز الثقل الأساسي لاستمرار التنظيمات الإرهابية، والمشكلة الأساسية في المنطقة العربية أو منطقة المشرق أن التمويل لا يعتمد فقط على التمويل الخارجي، بل يعتمد على التمويل الذاتي، سواء من خلال شبكة خدمات تقدمها هذه الجمعيات وتحصل من خلالها على مقابل مثل توفير الأمن والنظام في بعض المناطق، مثل داعش في العراق، والحوثيين في اليمن؛ حيث يدفع الناس مقابل خدمة لم تستطع الدولة تقديمها. وأيضًا لدى بعض الدول الخليجية -مثل دولة قطر والكويت- مشاكل خاصة بنظام الحوالة، ونظام المصارف الإسلامية، وهناك ثغرات كثيرة، بما يسهّل عملية تمويل الإرهاب.

* داعش نموذجا :
  * داعش والإرهاب الدولي :

بث تنظيم داعش الإرهابي فيديو لعملية ذبح المصريين الأقباط المختطفين. وأظهرت الصور معاملة مشينة من عناصر التنظيم للأسرى، حيث ساقوهم واحداً واحداً. وأظهرت إحدى صور تلطخ مياه البحر بلون الدم، في استعراض متوقع من التنظيم الدموي. وبدأ اجتماع لمجلس الدفاع الوطني لبحث إعدام الرهائن، برئاسة السيسي، وبقي مفتوحاً بأمر منه لمتابعة الأوضاع.وأصدر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بيانا نعى فيه إعدام هؤلاء الرهائن على يد داعش الإرهابي، وأعلن الحداد 7 أيام حزنا عليهم وقامت القوات الجوية المصرية بالقيام بطلعات جوية لضر ب معسكرات التنظيم الارهابى فى ليبيا 

داعش بين الصناعة الأمريكية وحلم الحلافة الإسلامية والإرهاب الدولي

وقد ذهب البعض إلي أن  داعش صناعة أمريكيا  ومنهم الدكتور : عبد الخالق  الحسين  الذي أكد ذلك بقولة "داعش صناعة أمريكية، وهذا ليس إيماناً بـ(نظرية المؤامرة)، كما يردد البعض، بل نشاهد دلالاتها على أرض الواقع كما يلي:
أولا، هناك عدة تقارير من كتاب ومحللين سياسيين غربيين، وكذلك تصريحات إدوارد سنودون، تؤكد هذه
ثانياً، لعبت الدول الإقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا والأردن دوراً مهماً في تأسيس داعش، وتمويلها وتسليحها وتدريبها وشحنها بالعقيدة الوهابية ، وآخر دليل هو عقد مؤتمر أنصار داعش في عمان قبل أسابيع. وهذه الدول هي تابعة لأمريكا ولا يمكن لها أن تتصرف بدون موافقة ومباركة أمريكا.
ثالثاً، إصرار أمريكا على عدم دعم العراق في حربه على داعش بحجج واهية، وهي نفس الحجج التي يرددها خصوم رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، عن التهميش والإقصاء والدكتاتورية... الخ. وكان المالكي قد طلب في يونيو مساعدة أمريكية وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي، لمواجهة تقدم داعش، ولكن واشنطن تجاهلت الطلب
 

وارى كباحث أن  الإدارة الأمريكية مجموعة من السيناريوهات لتقسيم المنطقة منها مشروع الشرق الأوسط الكبير ثم الحديث ثم  سيناريو الحرب السنية الشيعية سبقتها أن  قامت بدراسة شاملة للشعوب العربية وكيف أن هذه الشعوب قد ملت من أنظمة الحكم لديها وان البديل لديهم هو الحكم الإسلامي الذي يرون انه هو الوحيد القادر على إزالة اوجة الفساد الذي استشرى في المجتمعات العربية لذا كانت اى دعوات لإقامة خلافة إسلامية سوف تلقى رواجا كبيرا لدى اى شعب من الشعب العربية لان من خصائص المجتمعات العربية أن أهلها متدينون بالفطرة

وقد كانت العراق البيئة المناسبة والصالحة لمثل هذه الدعوات لعدة أسباب منها :

  • شعور الطائفة السنية أن الشيعة مدعمون من إيران قد سيطروا على مقدرات البلاد ومقاليد الحكم وأصابهم التهميش والفقر
  • أن المجتمع العراقي نفسه يعانى من التفكك المجتمعي وعدم الترابط ويدلل على هذا بعدم قدرة الحكومات العراقية من بعد عهد صدام حسين على السيطرة الأمنية على العراق واو تشكيل حكومة ائتلافية تلاقى استحسان من جميع طوائف المجتمع العراقي
  • أن الدولة العراقية تقع في موقع جغرافي جلها مجاورة لقوتين دينيتين هما المملكة العربية السعودية راعية المذهب السني وإيران راعية المذهب الشيعي وبالتالي تسعى كل قوى منها إلى السيطرة على العراق
 
وبالتالي فان الولايات المتحدة الأمريكية لم تجهد نفسها إلا بإعطاء الضوء لبعض القيادات السنية لإقامة خلافاتهم فى مناطق نفوذهم إلا انه لا يمكن القول أنهم تم تدريبهم أو أعدادهم في الولايات المتحدة لانه لن يقبل بتنفيذ هذا المخطط إلا عميل أو خائن وهذا لا اعتقد حدوثه
إما السيناريو الأخر  : وهو الأقرب للصواب وهو انه تم اختراق هذا التنظيم كما حدث فى تنظيم القاعدة فقد كشف احد عملاء الاستخبارات الأمريكية  عبر ما نشرته صحيفة كابيتل برس خبر يكشف عن هوية الشيخ أبو اللواء الصوري، باعتباره عميلا أمريكيا نجح في اختراق تنظيم القاعدة، وذكرت الأنباء أن الشيخ أبو اللواء الصوري هو العميل الأمريكي طوم دانيال، قام بتربيه لحيته وقراءة عن الإسلام والسلفية الجهادية وأفكار القاعدة، و وتلقي تدريبات خاصة، وسلمته المخابرات الامريكيه جواز سفر وهوية مزوة باسم (تيسير جودت عبد الهادي ) لبناني الجنسية، وذهب لاختراق القاعدة، ونجح بالفعل بعد أن عرفهم بنفسه على انه لبناني يعيش في المكسيك واتى من أمريكا اللاتينية من اجل الجهاد، وسرعان ما أصبح طوم آو أبو اللواء قائداً في تنظيم القاعدة ويقوم بالتخطيط للتفجيرات ضد المراقد والمقدسات الشيعية ويجند لها عشرات الشباب كما كان يقوم بإرسال مقاتلين من القاعدة للهجوم على القواعد الأمريكية و يقوم بإبلاغ عن الهجوم مسبقا ليتم قتل هؤلاء أو اعتقالهم.. كما ساهم العميل دانيال في مقتل أبو مصعب الزرقاوي الذي كان صديقه المقرب وساهم بعد ذلك في اغتيال أيوب المصري. وقد قام هذا العميل بالكشف عن هويته وتصوير نفسه خشية اغتياله من قبل المخابرات الأمريكية
ومن هما يمكننا القول انه وعلى الأرجح انه تم   اختراق داعش من قبل أجانب عملاء وتحاول الإدارة الأمريكية توجيههم لما يخدم مصالحها فى المنطقة وتنفيذ السيناريو الموضوع بدقة
 

وهناك بعض الأمور نستشف منها هذا التصور

  • أن الإدارة الأمريكية رفضت فى البداية استخدام القوة العسكرية ضد داعش بالرغم أنها ترى أن العراق حليف استراتيجي لها ولأمن المنطقة وامن اسرائيلى وارى أن الدافع لذلك هو إعطاء مزيد من الوقت لداعش للتقدم والسيطرة على الأرض  تسليط وتوجيه الإعلام عليها حتى يكون التدخل الامريكى الايرانى بمباركة عربية
  • أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدفع بقوات عسكرية واكتفت بضربات جوية حتى تضع داعش فى حدود جغرافية معينة تسهل عملية تقسيم العراق وبالتالي فهي لا تريد القضاء على داعش كليا
  • أن الصمت الايرانى فى البداية يدلل على وجود اتفاق سرى امريكى ايرانى فكيف لإيران التي دافعت باستماتة عن نظام بشار الأسد فى سوريا تقف صامته أمام ما يهدد أمنها القومي وتترك رجلها المالكي بدون مساندة حقيقية إلا إذا كانت تخطط لسيناريو متفق عليه سلفا
  • الانسحاب السريع وعدم المقاومة الحقيقة من قبل القوات الشيعية والصمت الذي صاحب المرجعيات الشيعية فى العراق فى البداية ثم صرخات الاستغاثة منهم تجاه إيران لحماية المقدسات الشيعية خير دليل على صحة هذا السيناريو .

الأهداف الأمريكية من بقاء( داعش )  فى المنطقة :

  • المساعدة فى دعم المعارضة السورية فى إسقاط نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران وحزب الله
  • المساعدة فى تقسيم العراق إلى ثلاث دول  ( سنية ، كردية ، شيعية )
  • إمكانية قيام حرب سنية شيعية تغمر المنطقة فى ويلات الحروب
  • استخدامها كفزاعة للحكام العرب الذين يرون أن أنظمتهم وعروشهم أصبحت مهددة خاصة بعدما عرفت المنطقة لأول مره ثورات الربيع العربي  واليأس الداخلي للشعوب من قدرة هذه الأنظمة على معالجة قضاياهم الداخلية والخارجية .
والسؤال هنا : هل ( داعش)  سوف تكون سببا فى إعادة ترسيم الخريطة السياسية والجغرافية فى المنطقة العربية ؟
بالرغم من السعي الدؤؤب من قبل الإدارة الأمريكية وحلفاؤها على إعادة ترسيم المنطقة وإنها لن تترك الفرصة المتاحة حاليا لذلك  فقد أعلنت  الدولة الكردية فى شمال العراق وكان إعلانها بمثابة جس للنبض العربي فإذا لم يسارع العرب لعرقلة تنفيذ هذا السيناريو  سوف نجد يوما العراق مقسما لثلاث دول
أضافة تعليق