مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2014/08/17 20:10
أبعـد من أفغانســتان
هويدي 6-11-2001

ربما كانت الحملة العسكرية الراهنة ضد أفغانستان‏,‏ من النماذج القليلة في الفعل السياسي‏,‏ التي لا يحتاج المرء فيها إلي الاستعانة بنظرية المؤامرة‏,‏ لكي يدرك مقاصدها‏,‏ ذلك أن اللعب فيها علي المكشوف هذه المرة‏,‏ بأكثر منه في حربي الخليج الأولي والثانية علي الأقل‏,‏ وهو ما يدعوني إلي القول بإن مقاصد تلك الحملة إذا التبست علي أي أحد‏,‏ فإن ذلك لن يكون راجعا لقصور في الإرسال‏,‏ وإنما لعدم كفاءة الاستقبال عند البعض‏.‏

‏[1]‏
في الأسبوع الماضي‏,‏ عرضت لمظاهر اللوثة الحاصلة في الأقطار الغربية‏,‏ التي توازي فيها الهجوم علي الإسلام والمسلمين‏,‏ مع الهجوم علي المدن الأفغانية‏,‏ واستبعدت تفسير ما يجري باعتباره نوعا من الحرب الصليبية‏,‏ واعتبرت الكلام عن صراع الحضارات من قبيل التبسيط المخل‏,‏ سواء لمفهوم الحضارة أو لعلاقة الحضارات ببعضها البعض‏,‏ وانتهيت بعد الاستبعاد إلي طرح السؤال التالي‏:‏ إذا لم يكن الأمر علي هذا النحو أو ذاك‏,‏ فكيف يكون إذن؟
يوم الجمعة‏(11/2)‏ نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لسلمان رشدي‏(‏ إياه‏!)‏ نقض فيه كلام السياسيين الغربيين‏,‏ الذين أعلنوا مرارا أنها ليست حربا ضد الإسلام‏,‏ ولا ضد المسلمين‏,‏ ولكنها ضد الإرهاب‏,‏ وأصر علي أنها حرب ضد الإسلام السياسي‏,‏ الذي اعتبره مصدر الإرهاب ومنبعه‏,‏ وقبله بأيام قال الكلام ذاته بتعميم أوسع أ‏.‏س نابيول الذي حصل علي جائزة نوبل للآداب في هذا العام‏,‏ إذ صرح بأن المشكلة تكمن في عقيدة الإسلام ذاتها‏,‏ وليس في الإسلام السياسي وحده‏.‏

هذا المنطق ذاته يتبناه القس الأمريكي المتطرف بات روبرتسون‏,‏ مقدم البرنامج التليفزيوني‏(700‏ كلوب‏)‏ ـ زعيم ما يسمي بالتحالف المسيحي ـ الذي يضم مليون عضو‏,‏ ويدير امبراطورية هائلة معنية بالتبشير المسيحي‏,‏ وقد رشحه الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في عام‏1988‏ ـ وهو الذي وصف الإسلام بأنه دين تخلف ورق وعبودية‏,‏ ودعا مشاهدي برنامجه وأتباعه إلي الصلاة لكي يمنع الرب انتشار الإسلام في الولايات المتحدة‏,‏ لأن ذلك الدين عنده مرتع لعمل الشيطان‏!‏
مثل هذه المواقف التي تعبر عن آراء نفر من الغلاة‏,‏ الكارهين للإسلام‏,‏ أو المهووسين الدينيين‏,‏ لهم مقاصد مغايرة‏,‏ فهي تستثمر الظرف الراهن لتصفية حسابات خاصة تهم المتحدثين بأكثر مما تشغل صاحب القرار السياسي‏,‏ وربما ضغطت عليه‏,‏ والتركيز علي هذه الآراء يحجب المقاصد البعيدة ويشوش عليها‏,‏ مع ذلك فلست أدعو إلي اغفالها أو تجاهلها‏,‏ لكن فقط أدعو إلي اعطائها حجمها الطبيعي‏,‏ والتعامل معها بحسبانها عنصرا في المشهد‏,‏ وليست محورا له‏.‏

‏[2]‏
في نفس الخندق يقف المحافظون الجدد في الولايات المتحدة‏,‏ الذي يشكل التيار الأصولي المسيحي رافدا أساسيا لهم‏,‏ ويعد بات روبرتسون من وجهائهم‏,‏ وهؤلاء المحافظون الجدد هم نفر من المثقفين والسياسيين الذين كانت لهم أفكارهم المتقدمة‏,‏ وظلوا أقرب إلي الحزب الديمقراطي إلي أواخر الستينيات‏,‏ ثم تحولوا بصورة تدريجية إلي معسكر اليمين التقليدي الذي يمثله الجمهوريون‏,‏ وهؤلاء أكثرهم من اليهود الذين وجدوا في حماس الجمهوريين المطلق لإسرائيل محضنا ملائما لهم‏.‏
هؤلاء المحافظون الجدد يتبنون بالمطلق وعلي نحو يتسم بالغلو‏,‏ فكرة صراع الحضارات‏,‏ حيث يرون في الحاصل الآن تطبيقا لتلك الفكرة‏,‏ ومشهدا في السيناريو الذي لابد أن ينتهي بانتصار الخير الغربي‏,‏ واكتساحه لكل أعدائه الذين يتمثلون في الشر الإسلامي علي سبيل الحصر‏.‏

أشرت في الأسبوع الماضي‏,‏ إلي موقف هؤلاء الذين يلحون بشدة علي توسيع الحرب‏,‏ بحيث تتجه إلي تصفية حسابات إسرائيل أيضا‏,‏ وليس الولايات المتحدة وحدها‏,‏ وبعد النشر توافرت لدي معلومات تلقي مزيدا من الضوء علي دور وفاعلية هذا التيار‏,‏ الذي تبين لي أنه أقوي بكثير مما تصورت‏.‏ فلم اكن أعلم أنهم يسيطرون علي أغلب الوزارات في إدارة الرئيس بوش‏,‏ وأن من أركانه نائب الرئيس ديك تشيني‏,‏ ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد‏,‏ ونائبه بول وولفيورتز‏,‏ أما وزير العدل جون اشكروفت فهو من الغلاة القريبين للتيار الأصولي المسيحي المناويء للأقليات وللتعدد الثقافي والديني في الولايات المتحدة‏,‏ كما أن هذا التيار يهيمن علي عدد كبير من المؤسسات الإعلامية ومراكز البحوث‏,‏ ومن تلك المؤسسات شبكات فوكس‏,‏ وإن‏.‏بي‏.‏سي‏,‏ وسي‏.‏إن‏.‏إن التليفزيونية‏,‏ كما تعبر عنه صحيفة وول ستريت جورنال ومجلة ويكلي ستاندرارد‏.‏
علمت أيضا أن مجموعة المحافظين الجدد‏,‏ وجهت رسالة الي الرئيس بوش في‏9/20‏ الماضي‏,‏ بعد تسعة أيام من الهجوم علي الولايات المتحدة‏,.‏

قالت الرسالة بوضوح ـ مثلا ـ إن أي استراتيجية لاستئصال الإرهاب ومن يرعاه‏,‏ لابد أن تشمل جهدا يتسم بالتعميم لإزاحة‏(‏ الرئيس العراقي‏)‏ صدام حسين ـ وفي هذا السياق حددت الرسالة برنامج للأولويات التي ينبغي أن تلتزم بها الولايات المتحدة في المواجهة الراهنة‏,‏ والتي تتمثل فيما يلي‏:‏ القضاء علي أسامة بن لادن ـ إطاحة النظام العراقي ـ تصفية حزب الله ـ تحجيم السلطة الفلسطينية ـ تأكيد الصداقة الثابتة بين إسرائيل والولايات المتحدة ـ زيادة المخصصات المالية لوزارة الدفاع‏.‏
هذه الرسالة ليست مجرد نصيحة أطلقت في الهواء‏,‏ ولكنها برنامج عمل يسعي أصحابه إلي وضعه موضع التنفيذ من خلال الضغوط التي يمارسونها‏,‏ سواء عن طريق عناصر هذا التيار النافذة في إدارة بوش‏,‏ أو من خلال تعبئة الرأي العام في اتجاهها ولصالحها‏.‏
يضغط هذا التيار الآن لإرسال قوات برية أمريكية لاجتياح أفغانستان قبل حلول الشتاء‏,‏ وقد وصف اثنان من ممثليه‏,‏ بيل كريستوف وتشارلز كراوثهامر‏(‏ مقربان من اللوبي الإسرائيلي‏)‏ السياسة التي اتبعها الرئيس بوش حتي الآن بالضعف والتردد‏,‏ وطالبا بتكثيف القصف الجوي وبدفع القوات البرية لانجاز بقية المهمة علي الأرض‏,‏ ويبدو أن تلك الضغوط كان لها مردودها‏,‏ لأن زيارة وزير الدفاع رامسفيلد لروسيا وجمهوريات آسيا‏,‏ تستهدف تقويم احتمالات التدخل البري الأمريكي وحجمه وأبعاده‏.‏

‏[3]‏
نحتاج إلي أكثر من خطوة إلي الوراء لكي نري المشهد من زاوية أوسع‏.‏
في‏10/23‏ نشرت الحياة اللندنية تحليلا كتبه جنرال سابق في المخابرات السوفيتية اسمه الكسندر كوليك‏,‏ كان رئيسا لدائرة الشرق الأوسط‏,‏ قال فيه إنه منذ عام‏1997,‏ وهناك جهود أمريكية حثيثة للبحث عن موطيء قدم لها في وسط آسيا‏,‏ وقاعدة أطلسية تطل منها علي الإسلام الآسيوي‏,‏ وتكون في الوقت ذاته قريبة من ثروات المنطقة‏,‏ التي يتقدمها غاز تركمانستان ونفط بحر قزوين‏,‏ الذي يتوقع له أن يصبح في المستقبل أكثر أهمية من نفط الخليج‏.‏
حدد جنرال الكي‏.‏ جي‏.‏بي عام‏97,‏ باعتباره التوقيت الدقيق الذي تأكدت فيه موسكو أن الأمريكيين والإسرائيليين ـ الذين كانوا قد سارعوا في وقت مبكر الي إقامة علاقات وثيقة مع جمهوريات آسيا الوسطي ـ قد استقروا علي اختيار أوزبكستان لكي تكون موطن القاعدة المنشودة‏,‏ ووجدوا لدي الرئيس الحالي إسلام كريموف استعدادا كبيرا للانخلاع من العلاقات التي تربطه مع روسيا‏,‏ وإقامة تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة‏,‏ ولم يكن خافيا علي السفيرين الأمريكي والإسرائيلي لدي العاصمة الأوزبكية‏(‏ طشقند‏),‏ أن الرئيس كريموف أبدي حماسا شديدا للتعاون مع الإسرائيليين‏,‏ بأمل أن يفتح له ذلك أبواب واشنطن‏.‏

في تلك الأجواء برزت علي السطح المقاصد الحقيقية‏,‏ وحسبما ذكر الجنرال الكسندر كوليك‏,‏ فإن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية السابقة آنذاك‏(‏ عام‏97),‏ طرحت علي الرئيس كريموف أن تستقبل أوزبكستان في حال وجود خطر يهددها من أفغانستان أو إيران‏,‏ قوات ردع دولية تحت رعاية حلف الأطلسي‏,‏ بالضبط كما حصل مع البلقان‏,‏ ولم يكن الرجل بحاجة لمن يشجعه علي قبول العرض‏.‏
اعتبرت أولبرايت ـ أن وجود قاعدة لحلف الأطلسي في أوزبكستان‏,‏ يؤمن تقدم حلف الأطلسي شرقا‏,‏ ويوجد له قواعد وهياكل ارتكازية في آسيا الوسطي‏,‏ يمكن استخدامها ليس ضد إيران وأفغانستان فحسب‏,‏ بل وضد روسيا أيضا‏,‏ في حال تولي السلطة في موسكو قوي مناهضة للغرب‏.‏
في‏2001/2/20‏ نشرت مجلة نيوزويك تحقيقا مطولا عن أفغانستان‏,‏ ذكرت فيه أن أسامة بن لادن أصبح يمثل التهديد الأكثر مباشرة وخطورة علي الأمن القومي الأمريكي‏,‏ وأنه زعيم لشبكة إرهابية تعمل لشن حرب مقدسة ضد الولايات المتحدة وحلفائها‏,‏ وأنه يعد برنامجا تخريبيا مدته مائة عام‏,‏ وأن شبكته الممتدة في أنحاء العالم تحاول الحصول علي أسلحة للدمار الشامل‏,‏ لاستخدامها في تلك الحرب المقدسة‏.‏

في‏9/19‏ نشرت نيوزويك أن وكالة الأمن القومي الأمريكي‏,‏ شرعت في الإعلان عن توظيف خبراء في اللغة الأوزبكية‏,‏ لإضافتهم إلي مجموعة المتحدثين بلغة الباشتو السائدة في أفغانستان‏,‏ فضلا عن اللغة العربية‏,‏ وقالت إن الولايات المتحدة تشرف علي مناورات إنزال ضمت مئات من المظليين الأمريكيين والأوزبكيين والقازاق والقرغيز والأتراك‏,‏ الذين يتدربون علي القفز من مروحيات وطائرات تحلق علي ارتفاع منخفض في جمهوريات آسيا الوسطي‏,‏ المتاخمة لأفغانستان‏.‏
قال تقرير نيوزويك أيضا إن الجيش الأمريكي قام بإرسال طائرة النقل الحربية‏(‏ سي‏17)‏ المتقدمة من الناحية التكنولوجية‏,‏ في رحلة دون توقف‏,‏ من الولايات المتحدة إلي آسيا الوسطي‏,‏ وهي مسافة قياسية لطائرة نقل‏,‏ لاقناع حكومات دول آسيا الوسطي بالسرعة التي يمكن أن تستجيب بها واشنطن لمتطلبات الموقف العسكري في حالة وقوع أزمة ما‏.‏

‏[4]‏
طبقا لما هو منشور‏,‏ وغير المنشور أضعافه لا ريب‏,‏ فإن سيناريو الوجود الأمريكي في قلب آسيا كانت ترتيباته جارية منذ أربع سنوات‏,‏ وأن أوزبكستان التي تنطلق منها القوات الأمريكية وتؤمن ظهر قوات التحالف‏,‏ كانت معدة للقيام بالدور منذ ذلك الوقت‏,‏ وأن السيناريو كان ينتظر الفرصة المواتية للتنفيذ‏.‏
لا يخلو من وجاهة‏,‏ الرأي الذي أبداه أحد الكتاب المغاربة ـ محمد بلمو من المغرب ـ وقال فيه‏:‏ إن الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة لم تبدأ في الحادي عشر من سبتمبر‏,‏ وإنما بدأت في حقيقة الأمر منذ انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي منذ عشر سنوات‏,‏ حيث شرعت واشنطن منذ ذلك الحين‏,‏ في تصفية جيوب المقاومة للهيمنة الأمريكية‏,‏ وبالتالي تكريس السيطرة الكاملة علي العالم‏,‏ وإعلان دولة العولمة التي تنفرد واشنطن بحكمها‏,‏ بينما تسهم بقية الدول الغربية بالتنفيذ‏,‏ ولا يبقي أمام الدول الأخري سوي الانصياع‏(‏ القدس العربي ـ‏10/24).‏
إننا إذا نحينا من إدراكنا مؤقتا‏,‏ الهجوم الذي تعرضت له الولايات المتحدة‏,‏ فسنجد أن السيناريو الذي كان معدا له هدف واحد هو‏:‏ بسط الهيمنة علي المناطق التي مازالت عصية علي التكيف مع الوضع العالمي المستجد‏,‏ وتلك التي تري الولايات المتحدة أنها غنية بموارد ينبغي ألا تكون بعيدة عن متناول يدها‏,‏ وكان الفراغ النسبي الذي شهدته آسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي‏,‏ عنصرا مشجعا لواشنطن لكي تتمدد في قلب القارة متذرعة بمحاربة الإرهاب‏,‏ أو مواجهة الخطر الأصولي‏,‏ وهو طور في سلوك الولايات المتحدة وصفه المفكر المعروف سمير أمين بأنه من قبيل عسكرة العولمة‏,‏ بمعني فرض النموذج والهيمنة الغربية بالقوة العسكرية‏.‏

‏[5]‏
المشهد في حقيقته يجسد الصراع الحضاري وليس صراع الحضارات‏,‏ والفرق بين الاثنين أن الصراع الحضاري‏,‏ يستهدف فرض نموذج حضاري لبلد يستشعر الاستعلاء والقوة والرقي علي آخرين ممن يعيشون في ظلال أنماط حضارية أخري‏,‏ والعولمة في بعض أوجهها ترجمة لذلك الصراع‏,‏ الذي يستهدف فرض النموذج الغربي علي الآخرين‏,‏ أما صراع الحضارات بالمفهوم الذي روج له الأمريكي صمويل هنتنجتون‏,‏ فإنه يكاد يحصره في المواجهة بين الغرب والحضارة الإسلامية بوجه أخص‏,‏ التي وضعها في مربع واحد مع الحضارة السلافية الأرثوذكسية‏.‏
ولأن الإسلام لايزال يشكل الجبهة الأكثر استعصاء علي الاختراق والهيمنة الغربيين‏,‏ لأسباب فلسفية وتاريخية يطول شرحها‏,‏ فإن حظه أكبر من محاولات كسر الإرادة وقهرها‏,‏ والإسلام الذي أعنيه والذي يقلق قوي الهيمنة‏,‏ هو النموذج الحضاري المستقل القائم علي التعاليم السماوية‏,‏ وليس الإسلام الطقوسي أو الشعائري المفرغ من الوظيفة الاجتماعية‏,‏ لأن هذا الأخير مرحب به من الجميع‏,‏ من سلمان رشدي الي القس بات روبرتسون‏.‏

إن مشهد الهيمنة يطل علينا بوضوح اذا ما مددنا البصر وراء دخان الحرائق المتصاعدة‏,‏ التي تكاد تسد الأفق الأفغاني‏,‏ ذلك أن تلك الهيمنة صفة لازمة للحداثة الغربية‏,‏ وهذا الكلام ليس من عندي‏,‏ لكنه شهادة سجلتها بما لا حصر له من الحجج والبراهين الباحثة الفرنسية سوفي بسيس في كتاب صدر لها أخيرا بعنوان الغرب والآخرون‏,‏ قالت فيه بصريح العبارة‏:‏ إن الهوية الغربية لا تنفصل عن ثقافة التفوق‏,‏ ولا تتحدد إلا بمعيار الهيمنة‏,‏ رغم أنها ترفع شعارات الانفتاح والحوار بين الثقافات والحضارات‏,‏ وهي التي سلط الضوء عليها بقوة قبل‏25‏ عاما الفيلسوف الفرنسي جارودي‏,‏ في كتابه حوار الحضارات‏,‏ الذي عرف الغرب فيه بأنه حالة فكرية متجهة نحو السيطرة علي الطبيعة والناس‏,‏ وقال‏:‏ إن علاقة الإنسان بالطبيعة علي النحو الذي يتميز به عصر النهضة‏,‏ هي علاقة فاتح براضخ‏,‏ وهذه العلاقة هي التي فرخت ارادة الربح والسيطرة‏,‏ وإرادة الغازي الذي لا يتردد في اقتحام تخوم العالم المعروف‏,‏ ولا في تدمير القارات والحضارات‏,‏ وسجل الرجل الغربي حافل بعمليات التدمير تلك‏,‏ التي شملت شعب المايا والهنود الحمر في الماضي‏,‏ ويتعرض لها الشعب الأفغاني في الحاضر‏.‏
إن رحي المعركة العسكرية تدور فوق الأرض الأفغانية حقا‏,‏ لكن مقاصدها تقف بعيدا‏,‏ وراء الأفق الأفغاني‏.‏
أضافة تعليق