مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2015/12/23 18:17
كلام في قوة الشخصية
نحب وصفة قوة الشخصية و نبحث عن خباياها لنعرف المزيد من باب الفضول  و من باب ان الكلمة شدت انتباهنا ، فلو كان القارئ او المتابع لسلوك كبار السياسة و تصرفاتهم و قراراتهم لوجد فيهم نقصا دخيلا في حياتهم ربما يتسترون عليه لاعتبارات مهنية قد تضر بمركزهم العملي فلا يبدون إلا الأحسن و الأجمل و ما يوصف بالقوة في شخصيتهم العملية خاصة.
قادة كبار الدول و اشهرها هيمنة سياسيا و عسكريا تحلوا بجانب أوفر من الصرامة و الذكاء و النجاح في قيادتهم و على مر سنوات رئاستهم ظلوا يواكبون تطورات الهيمنة العالمية بشتى انوا ع القوى المستعملة سواء كانت عسكرية أو مرنة ( ذكاء العقل) او جيوسياسية تعتمد في خططها على خريطة عسكرية و ديبلوماسية  عملاقة تضمن الاستقرار و الهيمنة و السيطرة ، هي مصطلحات وجدت لها سكنا بعد ثورات الربيع العربي أين توسع الامتداد الدولي لروسيا و تركيا و البقية تفكر في اللحاق بهذا الزحف اما بتحالف دولي و اما منفردة لتحظى لها بنصيب من الكعكة العربية ، ألهذا أصبح مصير الشرق الأوسط طعم سهل اصطياده مع قوة عسكرية رسمت أبعادها قوة شخصية انسانية تدربت على ان لا ترحم وقت ما استدعى الأمر ذلك؟ ، و قد وهبنا الله بدين طور حضارات عريقة في القرون التي خلت و من أعرقها الرسالة المحمدية و التي نجحت بامتياز و حنكة تفكير في تبليغ اقدس و اطهر رسالة على الأرض ، كانت السياسة و الحكمة هي من ساد طباع الرجل الفذ و الحكيم النبي الكريم محمد صلى الله عليه و سلم و قد ترك فينا سنة دقيقة الفصول لما ورد في القرآن حتى لا نضل أبدا ، الى أن تجلت ظاهرة مواكبة العولمة حيث استطاعت الدول الغربية المصدرة للظاهرة  بآلية  سريعة ان تقوم بعملية غسيل لأمخاخ العرب و المسلمين بصفة عامة في ان تلهي مشاعرهم و أوقاتهم فيما يسلي اكثر منه فيما يضيف الى الرصيد علما او منهجا عمليا بإمكانه أن يوصل الى حل المشاكل باستراتيجيات مجربة ، لا اقول النقل الحرف لهذه الاستراتيجة لكن على الأقل انتقاء ما يفيد و ترك ما يفسد و يضلل.
في قوامة الشخصية القوية لأي بني آدم على وجه الأرض هي شخصية متوازنة تدرك مصلحتها جيدا فتسلك الطريق الموصل لنتائج مرضية و تدرأ عنها طريق المشقة و التعب و هو تحصيل جيد لتفكير سوي و منطقي اعتمد في تفكيره على ميكانيزمات تخيلية واضحة الأبعاد ، و بالإسقاط لتماثل هذه الشخصية في الميدان السياسي و الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي نجد انها  تشكل مهدا حضاري لدول هي في طريقها للتقدم و ستصل الى ما تصبو اليه بالعزيمة و العمل الجاد و المثابرة و درء مفاسد الحكم الضعيف و اعتماد الحكم الرشيد و القوي ، و من هنا يتكون نموذج للدولة القوية و التي قبلت لها بنهضة على جميع الأصعدة بعدما اعتمدت في سنداتها على قوة الارادة و قوة التخطيط و رجاحة العقل المفكر ، سواء كان ديناميكيا او كاريزماتيا ، فالتمازج هنا مطلوب ما وسع العقل التوفيق بينهما.
و علينا كعرب ان نستفيق من كبوتنا و ضالتنا أننا ننظر الى الغرب انه الحامي سواء من تحت قبة الأمم المتحدة او من تحت قبة الجامعة العربية ، فالجنسية هنا مختلفة و لكنها لم توفر أمانا و سيادة لدولة عربية مهضومة الحقوق إلا بذريعة التدخل الدولي لحماية المصالح الأجنبية و هذا ما بات مكشوفا وواضحا اليوم أكثر من اي زمن مضى و الانطلاقة كانت من وقت سقوك نظام صدام حسين كأول قوة معرقلة لحماية مصلحة الذهب الأسود لأمريكا بعد اغراق الطوائف في حرب ليست تنتهي ان هي اندلعت كما يحدث الان في اليمن وسوريا و غيرها من الدول ، و هذا المخطط في التفرقة هو آلية ناجحة لأن تسود القوة العظمى بذرائع أصبحت اليوم مفهومة الأبعاد.
فقوة الشخصية التي اصبحت الدول العربية تبحث لها عن حاكم يعيد لها مجدها و بريق حضارتها أصبحت كالحلم وسط زخات وابل الرصاص و هول الحروب و انعدام الثقة في المرؤوسين لأنهم ببساطة سيدلون بدلوهم خدمة للدول الطامعة للثروات و المحبة لتشتت طاقات الشباب و ضياعهم ، اطف الى أن انشقاق الدول العربية و عدم توحدها جعل فقدانها للقوة أمرا سهلا و ميسرا ، فان اجتمع ممثلوا الدول العربية لاجتماعات تنعقد في دوراتها أو في غير دوراتها فهو من باب ديكور سياسي اكثر منه عملي لأن الواقع لم  يتغير بل ازداد سوءا و هنا اشارة لتوفيق القوة الغربية في زحفها و نجاحها في تقسيم الشرق الأوسط الذي بات يتقن حرب الطائفية اكثر منها حرب النصرة من العدو؟.
فحينما ضاعت معالم و بوصلة التوجه لدى الشعوب العربية ضاعت معها القيم و المكتسبات و الحضارة و الرقي ووأدت النهضة  تحت ركام الفشل ، لأن الخطط غير موجودة و النية الاكيدة للاستقلال و التحرر من الهيمنة الخارجية لم تعد واردة في أجندة الحكومات العربية بل التبعية هي عنوان اللقاءات و المحاضرات و الاجتماعات ، تبعية ظللت الرأي العام و لم تكسبه الدور المنوط به في المشاركة في الاختيار الأمثل للقوة المثلى للحكم و التي تمثلها شخصية متوازنة تعرف أبعاد الشعب و طموحاته بعد أن تعود به الى أصله في ضرورة الاعتزاز بهويته و مبادئه  بعد ترسيخ فكرة الانتماء في الأذهان و عدم قبول فكرة التدخل الأجنبي حيال النزاعات مهما بلغت ذروتها و التعويد على حل المشاكل داخليا و عدم تدويلها ، لأن هذا التدويل من شأنه ان يمسح آثار القوة التي امتلكتها يوما ما الشعوب العربية..فهل كل مضلل سيجد ضالته مع الوقت ؟ ام ان ايجاد بوصلة الانتماء أولا هي الدال و المؤشر الرئيسي  لاسترجاع الهيبة و المكانة على الخريطة وعبر صفحات التاريخ.
 
أضافة تعليق