مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2016/01/02 11:09
دور الثقافة القانونية في الحد من جريمة القذف
دور الثقافة القانونية في الحد من جريمة القذف
ان القانون بمعناه العام هو مجموعة القواعد القانونية الملزمة التي تنظم سلوك و علاقات الأشخاص في مجتمع تقوم فيه سلطة تفرض تلك القواعد التي يجب أن تكفل المصالح المشروعة للأفراد  و أن تحقق الخير العام في المجتمع.
و مبدأ الشرعية في الاسلام وضحت كيف أن الشرع الاسلامي كرس هذا المبدأ ، بل أوجب على الدولة أن تقيد و أربابها بأحكام الشرعية الاسلامية ولو أن الواقع يختلف تماما عن هذا المنطق ، اذ أن القانون الوضعي رسم أبعادا لاحترام الغير بمواد صريحة تكفل للمتضرر حق المقاضاة لأجل رد الاعتبار، و لم يستند في ذلك الى أحكام الشريعة الاسلامية التي جاءت أكثر صرامة من القانون في القصاص..هذا لا ينفي أن مبدأ سيادة القانون لا تختلف في معناها عن مبدأ الدولة القانونية الذي تحرص الدولة العصرية على اعتماده كخاصة من خصائصها الجوهرية...
Le droit constitutionnel est l’ensemble des règles de droit qui déterminent la composition , le mécanisme et les compétences ou pouvoirs des organes supérieurs de L’état ; gouvernements et peuples , ces règles ont pour but, dans les régimes politiques libéraux et particulièrement dans les régimes politiques libéraux et démocratiques , d’assurer la suprématie du droit sur les gouvernements et même sur la majorité du peuple et par suite de garantir la liberté ; La règne du droit.
هي تعابير متصلة بسلطة القانون ، و القانون الدستوري له من السمو ما يجعله محل احترام لصرامته و لحرصه على الحفاظ على حقوق المواطنين كفاعلين في المجتمع يتمتعون بكامل حقوقهم المجتمعية ، و من هذه السيادة القانونية كان واجبا على المواطنين احترام الآداء القانوني سواء في المعاملات أو في طريقة التعاطي مع الخلافات ، و هو الدور الأساسي الذي تسعى له القاعدة القانونية لضمانه و تحقيق العدل من خلاله  بين فئات المجتمع دون محسوبية و لا محاباة لا الى مستواهم التعليمي و لا الى جنسهم و أعمارهم لأن القانون يخاطب كيانا وجب احترامه و انصافه في حالة تجاوزات مست كرامته او خدشت بسمعته..
The rule of law is fundamental to the western democratic order. Aristotle sais more than two thousand ago «  the rule of law is better than that of any individual ».
هي وصفة مختصرة للقيمة القانونية و كيف نالت من السيادة لحرصها على ضمان الاستقرار و المساواة بين أفراد المجتمع ، و لكن الواقع يشير الى بعض الاختلالات التي صدرت من أفراده ، و السبب قد يعود لعدم فهمهم الفهم الجيد و الملائم لسيادة القانون و بسط نفوذه على ارادات الأفراد التي تبحث لها عن اختراقه  و ربما يعود الى عنصر الأخلاق حينما لا تجسده التربية الصحيحة منذ الصغر فيتعود اللسان على السب و الشتم و القذف من دون مبالاة للآثار النفسية التي تتركها هذه الجريمة و التي عرفها المشرع الجزائري في نص المادة 296 قانون عقوبات "يعد قذفا كل ادعاء بواقعة من شأنها المساس بشرف و اعتبار الأشخاص أو الهيئة المدعى عليها به أو اسنادها اليهم أو الى تلك الهيئة ، و يعاقب على نشر هذا الادعاء أو ذلك الاسناد مباشرة أو بطريق اعادة النشر حتى و لو تم ذلك على وجه التشكيك أو اذا قصد به شخص أو هيئة دون ذكر الاسم ، و لكن كان من الممكن تحديدهما من عبارات الحديث أو الصياح او التهديد أو الكتابة أو المنشورات و اللافتات أو الاعلانات موضوع الجريمة".. كما نصت المادة 297 من قانون العقوبات  على تفصيل الفعل المشين كما يلي" يعد سبا كل تعبير مشين أو عبارة تتضمن تحقيرا أو قدحا لا ينطوي على اسناد أية واقعة"..
فبالقراءة المتمعنة في هذين النصين و بإسقاط المضمون على واقع المجتمع و ما يمارسه من تجاوزات لفظية ظنا منه أنها شيء لا يرتقي الى مستوى الجريمة لهو جهل بالقانون و في نفس الوقت هو دليل على غياب الثقافة القانونية و التي من المفروض أن تكون سائدة في المجتمع على الأقل في احترام النظام العام و الآداب العامة ، فالثقافة القانونية من منطلق سيادة القانون ترسم حدودا يجب احترامها و عدم تخطيها و تؤطر اطارا منهجيا في المعاملات ، فلا ينظر للمذنب و الخارج من السجن أنه مجرم دائما و لا ينظر الى السارق أنه سارق دائما أو الى الارهابي أنه سيبقى بصفة الارهابي دائما او أنه  نشأ عليها منذ الصغر ،و يجب عدم مناداته بلفظ يسيء لشخصه حتى لو كان كذلك صراحة ،و هو ما أصبح شائعا و للأسف في هذا العصر، و  ربما يلحق القذف أناسا طيبوا السيرة الأخلاقية و يساء فهمهم و تصدر من الغير ألفاظ تجرح مشاعرهم و تمس بكرامتهم فينشئون في منأى و معزل عن التفاعل مع فئات المجتمع الذي ينتمون اليه ، أو يستمرون في العيش على صفة الاجرام بداخلهم و تتواصل لديهم عقدة الشعور بالذنب و ان كانت هذه الصفة يكيفها القانون بحسب الفعل المرتكب و الظروف التي ارتكب فيها لتلتمس لها يا اما ظروفا مخففة و اما العكس بمعنى ظروفا مشددة ، و لكن هذا لا يعزى بأفراد المجتمع أن يكونوا متأدبين و متخلقين في ألفاظهم فيختارون لهم ما يناسب تمثيلهم لعقيدتهم السمحة و ما يترجم و يفسر انضباطهم و احترامهم للقانون.
 
The concept of « rule of law » says nothing of the « justness »of the laws themselves ,but simply how the legal system upholds the law. As a consequence of this, a very undemocratic nation or one without respect for human rights can exist with or without a “ rule of law” , a situation which many argue as applicable to several modern dictatorship .
و من هنا استلزم القانون حماية متساوية لحقوق الانسان و يستلزم فرض عقوبات متساوية حتى يكون الجميع تحت حماية القانون و ليس تحت رحمة القوي و على القانون أن يحمي الفئات الضعيفة من الاستغلال و التعسف و يحسن تأديب من أذنب و فتح المجال للثقافة القانونية أن ترطب الألسن في عدم النظر الى المجرمين بنظرة التحقير و التقليل من انسانيتهم ، و ما جريمة القذف و السب الا صورتان تمثلتا في المجتمع بكثرة ، فمن جهة الفرد المتخلق دائما يبحث له عن المثالية في التعامل و بالتالي فالإنسان دائما هو محور الحقوق و تحميها من التجاوزات استحضار و تطبيق ما شملته الثقافة القانونية من ضرورة احترام الآخر و عدم تجريحه ، فالناس كلهم سواسية أمام القانون و من فضل الاعتدال في التعامل أن يكون في رصيد كل فرد مستوى معين من الثقافة القانونية ، اذا لا معنى للاعتراف و طلب التسامح بعد القذف أو السب ما لم تؤمن تلك الممارسات و بفعالية متفاوتة من الاحترام اللفظي ، و هو أمر ضروري لدى كل دولة أن تشرع في قوانينها ما يربي الأفراد و يضبط فيهم ملكة العدوانية و سوء الخلق اللفظي ، فالدولة ان كانت  تدعي أنها تحترم القانون  فلا مفر في ضوء ارتباط  قانونها بالعدالة و بالإنصاف من أساس أخلاقي يبرر وجوده ، و لا بد لعنصر الشفافية أن يحدو التصريح بالثقافة القانونية لأنها تعكس الجانب الشجاع و النظيف لكل حس صوتي صدر من شخص  ، و هي شرط لبناء الثقة بين المسؤولين و مختلف شرائح المجتمع سواء مواطنين كانوا أو ممثلين لجهات حساسة في الدولة أو موظفين عاديين .

و أخيرا ، فان الثقافة القانونية أضحت ضرورية ، فمن لا يخضع للقانون و لدولة القانون و لحكم القانون ، في أبعادها جميعا ، سيعرض نفسه للمساءلة الكفيلة بتقديم العبر و الأمثلة لتجاوزات تركت بصماتها على المجني عليه و على أسرته و على سمعته خاصة ،و هذا الاجراء من المساءلة كفيل بإعادة الاعتبار و ضمان التوازن فيما قد اختل من الروابط الفردية و المصالح الاجتماعية.. و لأجل الوقاية من تشرذم السلوك اللفظي و انتشاره و اتساعه في أوساط المتكلمين كان للثقافة القانونية ما لم تغيب أن تقوم الكثير من السلوك اللفظي المنحرف و الذي أضحى أخطر وقعا من الجريمة الجسدية أو التعدي على ممتلكات الغير ، فما نقشه لسان من تجريح لن يكفي القانون و لا التعويض لتضميده ، و ما سر رقي الأمم المتقدمة الا لأن الثقافة القانونية أخذت حيزها من الاستيعاب و الفهم  و التطبيق فارتقت هذه الدول بمجتمعاتها نحو مستوى عال من الاحترام و الردع و المساواة أمام لغة قانون لم يرضى له حراسه من الضمائر البشرية  أن يكمم أو يخالف أو تطمس مبادئه ، فهلا أدركنا قيمة السلوك اللفظي و اعتداله في نشوء مجتمع سوي و متسامح و منفتح على ثقافات الدول الأخرى التي تشبهه في احترام لغة و مطرقة القاضي العادل في حضرة محاكمات عادلة قللت من جريمة القذف و السب و الشتم و شجعت على النهل من الثقافة القانونية لأنها خط أحمر امام التجاوزات و الاهانات و الاعتداءات بالتساوي أمام القانون؟.
أضافة تعليق