مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2017/07/19 16:29
التربية الإيمانية وترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم
مقدمة:
       إن ما نشهده في عصرنا من مظاهر التقدم وإيجابياته وما يرافقها من علل التقدم وسلبياته هو النتيجة المباشرة لظاهرة الانفتاح الثقافي السريع والجذري الذي لم يعرف التاريخ له مثيلاً، والذي يؤثر على الأمن الفكري لدى أبناء المجتمع ، لذا كانت ضرورة  وجود بوصلة لإعادة توجيه الانفتاح الفكري لدى أطفالنا في ضوء الاحتكام لثوابت العقيدة و الهوية الإسلامية .
وهناك بعض المؤشرات التي تؤكد ضرورة التعرف على دور التربية الإيمانية في ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم ، منها:
·  تأكيد المؤتمر العشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بجمهورية مصر العربية و الذي عقد في شهر مارس 2008م ، في أحد محاوره على المقوم الإيماني و دوره في تحقيق الأمن المجتمعي .
·  أكدت نتائج العديد من الدراسات على ضرورة الاهتمام بالعقيدة الإسلامية و تنميتها في نفوس النشء حتى يتحقق الأمن للفرد المسلم .
          لذا كانت الحاجة إلى كشف الدور الذي تقوم به التربية الإيمانية من أجل ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم .
يُعَرف الباحث الأمن الفكري
، بأنه " حماية عقول النشء المسلم من كل فكر شائب ومعتقد خاطئ يتعارض مع تعاليم الإسلام ، ويتعارض مع مكونات أصالتهم, وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية ويؤدي إلى انحراف في السلوك " .    
ويمكن تعريف التربية الإيمانية : بأنها " إعداد الأجيال المسلمة إعداداً تربوياً يرتكز على أسس الإيمان الستة المبينة في القرآن الكريم والسنة النبوية من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره".   
محددات دور التربية الإيمانية في ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم
      إن التربية الإيمانية هي القاعدة الأساسية في ترسيخ الأمن ، وإن "الأمن الفكري" يتحقق بصحة الاعتقاد ، والتفقه في الدين ، والتربية الواعية وبناء الشخصية المسلمة. وإن الإسلام يقوم بترسيخ عقيدة التوحيد في النفوس لأنها هي جوهر الإيمان.
    ويرتبط الأمن الفكري ارتباطاً وثيقاً بالإيمان ، لأن منطلقاته الفكرية هي القلوب و العقول . ولأن الخلل في هذا الأمن هو بسبب الشبهات التي تعرض على القلوب والعقول فتغير الأفكار وبعد ذلك توجه السلوك . لذا فقد اعتنى الإسلام قبل كل شيء بترسيخ العقيدة الصحيحة وغرس الإيمان في النفوس لأن الإيمان الصادق هو أمان وضمان لسلامة الفرد والجماعة .
وليكن حديث جبريل عليه السلام عن الإيمان هو مدخلنا للحديث عن دور التربية الإيمانية في تحقيق الأمن الفكري لدى الطفل المسلم ، ولنتكلم عن بعض متعلقات الإيمان فيه .
1 – دور الإيمان بالله تعالى وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم :
·        تحقيق توحيد الله بحيث لا يتعلق بغيره رجاء ولا خوف ولا يعبد غيره .
·        تحقيق عبادته سبحانه بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه .
·        ترسيخ عقيدة الولاء والبراء لدى الأبناء .
·        تحرير نفس الطفل من سيطرة الغير والخوف منه ، فلا نافع إلا الله ولا ضرر إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى .
·        امتلاء نفسه المؤمنة بالطمأنينة والسكينة والثقة وارتفاع روحه المعنوية مما يدفع عنه الشعور باليأس والقنوط .
·        تربي نفس الطفل على التواضع وعدم التطرف أو الغرور بأي صفة من صفات الإنسانية.
2 – دور الإيمان بالملائكة وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم :
·        دفع الفرد إلى الاستقامة على منهج الله تعالى ، لأن من يؤمن بالملائكة من حوله يؤمن برقابتهم لأعماله وأقواله وشهادتهم على كل ما يصدر عنه ليستحي من الله ومن جنوده ، فلا يخالفه في السر أو العلن.
·        تحرير النفس من سيطرة الغير والخوف منه ، فلا نافع ولا ضار إلا الله سبحانه وتعالى .
·        امتلاء النفس المؤمنة بالطمأنينة والسكينة والثقة وارتفاع الروح المعنوية للإنسان مما يدفع عنه الشعور باليأس والقنوط .
·        الصبر والثبات على الحق والشجاعة ومواصلة الجهاد لما يعرف المؤمن أن الملائكة تثبته وتقف بجانبه في الحق ويشعر بالطمأنينة في أصعب الظروف .
3 – دور الإيمان بالكتب وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم .
·     ظهور حِكمة الله تعالى؛ حَيْثُ شَرَعَ في هذه الكُتُب ما يناسب كلَّ أُمَّة ، وشرع لكل قوم من الشرائع ما يناسب أحوالهم ، كما قال تعالى : " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً " ( المائدة : 48 )، وكان خاتم هذه الكُتُب القرآنَ العظيمَ مناسِبًا لجميع الخَلْق، في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة .
·        الدعوة إلى التدبر في آيات الله والتنفير من التقليد الأعمى . لقوله تعالى : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " ( محمد : 24 )
·        الدعوة إلى التروي والتأني وعدم التسرع في الفهم أو الحكم أو التعليم .
·        توقير كتب الله تعالى وتعظيمها لأنها من عند الله سبحانه و تعالى .
·        العمل بالقرآن وإقامة حدوده والحكم به بين الناس .
4 – دور الإيمان بالرسل وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم .
·        العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراطه المستقيم ويبينوا لهم كيف يعبدون الله .
·        محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم والثناء عليهم بما يليق بهم لأنهم رسل الله تعالى ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغ رسالته و النصح لعباده .
·        الرسول قدوة حسنة ومثل أعلى ينبغي أن يتطلع نحوه كل إنسان لقوله تعالى : " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده " ( الأنعام : 90 )
·        تعظيم رسل الله عز وجل و توقيرهم وخصوصاً نبينا محمد صلى الله عليه و سلم .
·        تصديق الرسل عليهم السلام في أخبارهم ، لأن من شك وارتاب في صدق أخبارهم فهو كالمكذب سواء بسواء ، حتى يصدق تصديقاً لا يشوبه ريب ولا شك .
·        التحاكم إلى رسل الله عز وجل والاعتقاد أن حكم النبي صلى الله عليه و سلم صالح لكل زمان ومكان .
5 – دور الإيمان باليوم الآخر وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم  :
·        ترغيب المؤمن في فعل الطاعات والحرص عليها رجاء لثواب الله عز وجل في ذلك اليوم .
·        ترهيب المؤمن من فعل المعاصي خوفاً من عقاب الله عز وجل في ذلك اليوم .
·        تسلية المؤمن عما يحصل له في هذه الحياة الدنيا من شدة وكرب وعما يفوته من نعيم زائل لما يرجوه من ثواب الله عز وجل ونعيم الآخرة الباقي الخالد .
·        جعل المؤمن مراقباً لله تعالى في أقواله وأفعاله وتفكيره .
·        جعل المؤمن متوازناً في كل أموره فلا يطغى الجانب المادي على الروحاني ولا العكس .
6 – دور الإيمان بالقضاء و القدر وأثره على ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم :
·        الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه .
·        ألا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده لأن حصوله نعمة من الله تعالى بما قدره من أسباب الخير والنجاح وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة .
·        الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري من أقدار الله تعالى فلا يقلق بفوات محبوب أو حصول مكروه لأن ذلك بقدر الله وهو كائن لا محالة .
·        الإيمان بالقدر يورث في الإنسان سلوكاً مستقيماً قائماً على الصدق والأمانة ويورث القوة والشجاعة ومواجهة الأعداء حيث تجب المواجهة لأنه لن يناله نفع ولا ضرر إلا بقدر الله .
·        دفع المؤمن إلى العفو والصفح عمن أساء إليه حيث يؤمن بأن المؤمن ما أصابه من هذا الغير مقدور عليه وإنما كان الغير الذي منه الضرر واسطة لوصول هذا الضرر .
·         النهي عن التطير والتشاؤم فقد نهى الشرع عن إسناد الأعمال إلى هذه الظواهر ، ومن يؤمن بالقدر يربي عقله على عدم تعليل الأمور حسب هواه ومصلحته ، ومعرفة أن لكل ظاهرة كونية فوائد ومضار فيطلب فوائدها ويستبعد مضارها.
متطلبات تفعيل دور التربية الإيمانية في ترسيخ مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم:-
-    ضرورة وجود توجه عام في المجتمع بأهمية معالجة القضايا المرتبطة بالأمن الفكري والوطني داخل مجتمعنا في إطار من التصور الإسلامي المستمد من القرآن الكريم والسنة المشرفة، انطلاقًا من الإيمان بأن المنهج الإسلامي بربانيته وعالميته       هو الأقدر على تقديم الحلول الشافية لكل المشكلات التي تؤرق العقل عن الكون ومصير الإنسان.
-    إعادة توضيح الأدوار المنوطة بكل مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية-الأسرة والمدرسة ووسائل الأعلام-د وتفعيل العلاقات فيما بينها وذلك في إطار التوجه الإسلامي العام بما يعمل على تحقيق التربية الإيمانية وتفعيل دورها في ترسيخ         مفهوم الأمن الفكري لدى الطفل المسلم.
-    تضافر جهود كافة مؤسسات المجتمع في التوعية بأهمية تحقيق الأمن الفكري لدى الطفل المسلم .

أضافة تعليق