مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2024/01/31 16:11
لِلْأَقْصَى بَكَتْ الْعُيُونِ (قصيدة)

ولي وطنٌ اذا نادى أجابتْ
نِداهُ الأُسْدُ والدنيا تصيخُ
عظيمٌ لا يُعابُ سوى بأمرٍ
تشيخُ الراسياتُ ولا يشيخُ
___

مشاغبٌ وجهُ ليلي أيقظَ النصّا
ولامسَ النارَ حتى بدّدَ الرّقصا

وأفرزَ الماءَ عن ألواحِ خاطرتي
وما سوايَ بمجرى الرّهبةِ اختصّا

أحاولُ الآنَ أنْ أنهي مُحاورتي

معَ الطريقِ لألغي منْ غدي النّقصا

لأنني وحدي المتعوب لم يرني

وجهي وعمري بكف الموت قد قُصّا

وأنّني أمّة أنهيْتُ حرفَنتي

وعدْتُ أزرعُ في حُوتِ الدّجى المَغْصا

مسيّجٌ في بساتينِ الندى أرقي

وعندما فاضَ خيراً أخبروا اللصّا

وأنَّ أرضَ خساراتي التي شهدَتْ

خطوي مبعثرةً والآه لا يُحصى

عَدّتْ متاهاتُ هذا العمرِ وانكفأتْ

تَعُدّ حزناً بدائيا لها لَصّا

أحتاجُ عمراً خرافياً ليبدأني

بلا جنونٍ يراني أعبرُ القنصا

طفولتي اليومَ لمْ أخترْ مواجعَها

لكنّني اخترْتُ منْ كلّ الأذى فُصّا

أحاولُ الآنَ أحكي ما سيرفضُني

عليهِ ثغري ويُقصي عنْ يدي الخُمْصا

منّي اختفيتُ وأدري لستُ أبلغُني

والليلُ مدّ على أجرافِهِ شُصّا

لم أصطحبْني ولم أعرفْ سوى مطري

وما عرفتْ الذي مَنْ ضيّعَ الأقصى

فلم أجدْ لي ملاذاً فيكَ يا وطناً

شعْبٌ بكاملِهِ في موتِهِ يُخْصى

حربٌ بداخليَ المسكونِ أعرفها

عليّ جارتْ وَجيشي كلّه يُعْصى

كم زورقٍ بدمي ضيّعْتُ شاطئَه

وأنكرَتني شباكٌ تُحسنُ القرْصا

أنا اختفيتُ وحزنُ البحرِ في لُغتي

به غموضي ولي ربّ الأنا بَصّا

لأنّني كاهنُ الأمطارُ ضيّعني

غيمي وثغري بأمطارِ البُكا غَصّا

وبي أفتّشُ عن أنقاضِ خارطةٍ

بها حدودي تحدّتْ وحدَها الغوْصا

في خيمتي وإلهُ الشّعرِ أقلقني

وعن سطوريَ آياتِ الرّؤى أقصى

وإنّني لم يجئني الماءُ في عَطشي

ولم يزرْني الهوى أو عادَ واقتصّا

بي احتميْتُ وجزتُ البحرَ في سُفني

ومعولُ الهدمِ بي حبلَ الجوى رَصّا

تشتاقني جزرُ المنفى لأدخلَها

سيراً وقلبي لها في حبّها أوصى

حدّقْ بذاتي فإنّي بامتداد دمي

وحدي أراني لمَنْ دربَ الخطى قَصّا

أمامَ نفسي جلسْتُ اليومَ فاحتجبَتْ

شمسي وزادَتْ بإشعاعِ الورا فَحْصا

وأرجَحتني بكفّ الطينِ واغتسلتْ

حمّى شتائي وزادَتْ في دمي مَصّا

عرشٌ من الحزنِ رغمَ العصْفِ شاورني

أنا تُراني الأنا أم أنّني الأنصى

لأنّني لم أفكرْ أنْ أعيدَ يدي

وبي يجيدُ زمانُ الرّعشةِ النُّكْصا

سماءُ حوّاءَ قد جُنّتْ برغبتِها

ومالكُ الكونِ فيها طيشُها خَصّا

فلم أجدْ في شباكِ النّهر متّكئي

ولم أجدْني وزادَ الوَهْم بي رَهْصا

وهدهدُ الوقتِ لمّا عادَ منْ غدِه

فينا اتّهمْنا وعندي أحرقوا القرْصا

وليسَ ثمّةَ غيري مَنْ أراهُ أنا

وليسَ مثلي أرى في المُرْتقى شَخْصا

سأعلنُ الآن أني سوف أعزلُني

ولن أعيدَ بفحوى الدّمعةِ النّصّا

*نقلاً عن موقع منار الإسلام للأبحاث والدراسات

مقالات اخرى
أضافة تعليق