مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2024/02/15 16:42
دراسة حديث: “خيركم خيركم لأهله”

أولا: نص الحديث
عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خييرُكُم خَيرُكُم لأهله، وأنا خَيرُكم لأهلِي” .

ثانيا: روايات الحديث

  • أ‌. رواية الترمذي

عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ”. رواه الترمذي في السنن، أبواب المناقب، باب: في فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، رقم الحديث: 3895. حكم الألباني: صحيح.
• زيادة: وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ.

  • ب‌. رواية ابن حبان

عن عائشة، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي، وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ”.
رواه ابن حبان في الصحيح، النوع الثاني، ذكر استحباب الاقتداء بالمصطفى صل الله عليه وسلم، رقم الحديث: 635.
• زيادة: وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ.

  • ت‌. رواية الدارمي

عن عائشة، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ”. رواه الدارمي في المسند، كتاب: النكاح، باب: في حسن معاشرة النساء، رقم الحديث: 2306.
• زيادة: وإذا مات صاحبكم فَدَعُوهُ.
• نقصان: وأنا خيركم لأهلي.

ثالثا: ترجمة مخرج الحديث وراويه

  • أ‌. مخرج الحديث:

الترمذي: أبو عيسى التِّرْمذِي ولد سنة 209ه موافق ل 824م، وتوفي سنة 279ه الموافق لـ 892ه في بلدة ترمذ. وهو محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، السلمي الترمذي. وكان “إمامًا ثبتًا حجةً، وألفَ كتابَ “السننِ”، وكتابَ “العللِ”، وكانَ ضريرًا، قال: عرضتُ كتابي هذا أي كتابُ “السننِ” المسمَّى بالجامع على علمَاءِ الحجازِ والعراقِ وخراسانَ فرضوا بهِ. ومن كان في بيته فكأنما في بيته نبيٌّ يتكلمُ” .

ابن ماجة: أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الربعي القزويني ولد سنة 209 هـ الموافق لـ 824م، وتوفي سنة 273ه الموافق لـ 886م.وهو “ثقة كبير، متفق عليه، محتج به، له معرفة بالحديث، والحفظ، ارتحل إلى العراقين، ومكة والشام، ومصر والري لكتب الحديث. قال الحافظ محمد بن طاهر: رأيت لابن ماجه بمدينة قزوين ” تاريخا ” على الرجال والأمصار، إلى عصره، وفي آخره بخط صاحبه جعفر بن إدريس : مات أبو عبد الله يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان، وصلى عليه أخوه أبو بكر ، وتولى دفنه أخواه أبو بكر وأبو عبد الله ، وابنه عبد الله” .

ابن حبان: هو ابن حِبَّان البُستي (270هـ — 354هـ = 884م — 965م) هو الإمام العلامة الحافظ، المحدّث، المؤرخ، القاضي، شيخ خراسان، من كبار أئمة علم الحديث والجرح والتعديل. “كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه ، واللغة ، والحديث ، والوعظ ، ومن عقلاء الرجال . قدم نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، فسار إلى قضاء نسا ، ثم انصرف إلينا في سنة سبع ، فأقام عندنا بنيسابور ، وبنى الخانقاه ، وقرئ عليه جملة من مصنفاته ، ثم خرج من نيسابور إلى وطنه سجستان عام أربعين ، وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه” .

الدارمي: ولد قبل سنة 200 هـ بفترة يسيرة، وتوفي في 255 هـ، “وأخذ علم الحديث وعلله عن علي ويحيى وأحمد، وفاق أهل زمانه، وكان لهجا بالسنة، بصيرا بالمناظرة “.

  • ب- راوي الحديث:

عائشة رضي الله عنها: وهي عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ الْقُرَشِيَّةُ (توفيت سنة 58 ه/ ـ678م ثالث زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وإحدى أمهات المؤمنين، والتي لم يتزوج امرأة بكرًا غيرها. وهي بنت الخليفة الأول للنبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر بن أبي قحافة. وقد تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام بعد غزوة بدر في شوال سنة 2 هـ، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى.. كانت ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم وقد برز دورها في نقل الكثير من أحكام الدين الإسلامي والأحاديث النبوية، حتى قال الحاكم في المستدرك: “إنَّ رُبْعَ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ نُقِلَت عَن السَّيِّدَة عَائِشَة.”، وكان أكابر الصحابة يسألونها فيما استشكل عليهم، فقد قال أبو موسى الأشعري: “مَا أُشكلَ عَلَيْنَا أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه ﷺ حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ، إلَّا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا” . وكانت من الفصاحة والبلاغة ما جعل الأحنف بن قيس يقول: سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْخُلَفَاءِ هَلُمَّ جَرًا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ، أَفْخَمَ، وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِي عَائِشَةَ.

رابعا: موضوع الحديث وسبب وروده

لم يرد في روايات الحديث ذكر لسبب الورود. أما موضوع الحديث فيمكن حصرهفي : الوصيَّةُ بحسْنِ التَّعامُلِ معَ الأهْلِ؛ منَ الزَّوجاتِ والأوْلادِ والأقارِبِ.

خامسا: آيات وأحاديث معضدة

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ التحريم: 6.
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ لقمان: 13 – 19.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها. روى أبو داود والترمذي والنسائي.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً”. رواه أحمد والترمذي.

سادسا: شرح المفردات

• أهله: الولدين والزوجة والأبناء والأقارب.
• فدعوه: فلا تذكروه إلا بخير.

سابعا: عبر وعضات من الحديث

يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: خيار الأفراد مَن اهتدى بهديه صلى الله عليه وسلم القائل: “خيركم خيركم لأهله، وأناخيركم لأهلي”. الحديث رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها بسند حسن صحيح. خيار الأفراد من عمل بوصيته صلى الله عليه وسلم وهو يوضّح ويبين ما في الضّلَعِ من عِوَج يقابله استواء، وما في الرجل من خُلُق حسن إن هو صالح بين المحاماة والأخطاء ووازن. قال صلى الله عليه وسلم فيما روى مسلم عن أبي هريرة. «لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة (لا يُبغضها): إن كِه منها خلُقاً رضي منها الأخير. (تنوير المومنات، ج: 02، ص 183).
يقول أيضا: وأوصي بما وثق به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سياق الموت آخر عهده بالدنيا. أوصي بالنساء خيرا وأمرنا أن نوصي بهن خيرا. لاسيما الجنس والبنات. أكّد في وصيته الأخيرة ما كان علّمه من أن خيارنا خيرُنا لأهله. ضاربا لنا بالمثل بإحسانه لأهله سيداتنا أمهات المومنين رضي الله عنهن. (الوصية الأخيرة، ص 37).

ثامنا: القيم المستفادة من الحديث

يمكن أن نستبط من الحديث النبوي موضع الدراسة قيمة مركزية مهمة تتمثل في: حسن المعاشرة بين الأهل.

تاسعا: أسلوب الحديث ونظمه وبلاغته

جاء الحديث بأسلوب واضح ودقيق لا يحتاج في قراءته إلى عناء أو بيان أو تأويل.

خاتمة

اللهم ارزقنا حسن الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام والانتفاع ببركة هذه الصحبة الطيبة.

*نقلاً عن موقع منار الإسلام للأبحاث والدراسات

أضافة تعليق