مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2025/10/16 18:14
التاريخ السرى لمحاولات التطبيع العربية الاسرائيلية من المنظور الإسرائيلي
التاريخ السرى لمحاولات التطبيع العربية الاسرائيلية
من المنظور الإسرائيلي
كتب المستشار السياسي
حسين موسى
اولا : التوجه الصهيوني نحو فلسطين:
الصِّهْيَوْنِيَّة هي عقيدة (أيدولوجية) وحركة قومية إثنو-ثقافية ظهرت بين يهود شرق ووسط أوروبا أواخر القرن التاسع عشر، سعت لإنشاء دولة قومية خاصّة لهم باستعمار بلاد خارج اوروبا، تمخض عنها عام 1948 تأسيسها إثنوقراطية في فلسطين؛ المنطقة التي تماثل "أرض يعقوب" (إيريتس  يسرائيل) ذات الأهمية الخاصّة في التاريخ اليهودي وأسميت الدولة الجديدة دولة إسرائيل، وأصبحت الصهيونية هي الأيدلوجية الوطنية لتلك الدولة التي تشكل فيها اليهودية كلاً من القومية والدين وحصرت حق تقرير المصير فيها للقومية اليهودية وحدها.
ولم تكن أعداد المهاجرين اليهود المستجيبين لدعوات الصهيونية للهجرة لإنشاء دولة قومية صدى واسعاً مقارنة بالأعداد التي هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، ورأى الصهاينة أن إنشاء دولة قومية لن يكون ممكنا في اوروبا. فكانت عدّة بقع جغرافية اقترحت في كتابات الصهاينة لإنشاء هذه الدولة إستعمارياً، من ضمنها الأرجنتين وفلسطين، وبعد فترة اضحى واضحا في الرواية القومية للصهاينة تناسب الدعوة للهجرة إلى أرض فلسطين مع الأحداث التوراتية، وأنها ستكون -قومياً- أرض الآباء والأجداد (إيريتس يسرائيل) وأن الهجرة إليها هو عكس للظلم الذي وقع عليهم في الشتات، فطلب قادة الحركة الصهيونية بإنشاء دولة منشودة في فلسطين والتي كانت ضمن أراضي الدولة العثمانية. ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم وبعد تأسيس دولة إسرائيل عام 1948م أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها توفير الدعم المالي والمعنوي لدولة إسرائيل وقد عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية في بازل بسويسرا ليتم تطبيق الصهيونية بشكل عملي على فلسطين فعملت على تسهيل الهجرة اليهودية ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية.
ثانيا : بدايات الاصطدام العربي الصهيوني :
بدأت الصدامات بين العرب والمهاجرين اليهود في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بالتزامن مع موجات الهجرة اليهودية المنظمة إلى فلسطين تحت الحكم العثماني و تفاقمت هذه التوترات مع بداية القرن العشرين مع سياسات "تهويد العمل" التي استبعدت العمال العرب من مزارع ومؤسسات يهودية، مما أدى إلى صراع اقتصادي واجتماعي تصاعد لاحقًا إلى عنف سياسي واشتباكات مسلحة، ووصل إلى ذروته في اندلاع الثورة العربية في فلسطين عام 1936. وترجع اسباب الصدام الى :
  • الهجرة والاستيطان الصهيوني: كانت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، المدعومة من الحركات الصهيونية، محركًا رئيسيًا للخلافات بين العرب واليهود الذين يرون فيها تهديدًا لملكيتهم وأراضيهم.
  • تهويد العمل: سعى المهاجرون اليهود إلى طرد العمال العرب من مزارعهم ومؤسساتهم الاقتصادية، مما أدى إلى تفاقم البطالة بين العرب وتعزيز الصراع الاقتصادي بينهم.
  • الاستعمار والسياسات البريطانية: دعمت بريطانيا الاستيطان اليهودي واستوطنت ضغوطًا على الفلاحين العرب من خلال فرض ضرائب باهظة، مما أدى إلى بيعهم أراضيهم لتسديد الديون.
الأحداث البارزة فى بداية الصدام :
  • الثورة العربية في فلسطين (1936-1939): اندلعت الثورة العربية في فلسطين عام 1936 ردًا على تزايد الهجرة اليهودية وتزايد التوترات بين العرب واليهود وترتب على ذلك الهجوم العربي  على القافلة اليهودية: في 15 أبريل 1936، حيث قامت مجموعة من الفدائيين العرب بقيادة الشيخ فرحان السعدي بمهاجمة قافلة يهودية، مما أسفر عن مقتل اثنين وجرح ثالث. و رداً على ذلك، قامت مجموعة من اليهود باغتيال اثنين من العرب في اليوم التالي، ثم تفجرت صدامات واسعة بين العرب واليهود في يافا، مما أدى إلى مقتل تسعة يهود وجرح 45 آخرين، وقتل عربيان وجرح 28 آخرون.
  •  الاستيطان اليهودي: في عام 1840، عرض اللورد شافتسبري على اللورد بالمرستون مشروعًا لتبني الحكومة البريطانية عملية تنظيم هجرة اليهود ونقلهم إلى فلسطين.
  • الهجرة الرابعة (1924-1931): خلال هذه الفترة، هاجر 89 ألف يهودي إلى فلسطين، منهم من الطبقة الوسطى والفقيرة. واجه العديد من هؤلاء صعوبات في الحصول على عمل أو استقرار في الأراضي الجديدة، مما أدى إلى تفاقم الصراع مع العرب
الروية التاريخية للتوافق العربي الإسرائيلي من المنظور الإسرائيلي :
  • ظهر فى اواخر عام 1910 توجه لدى الحركة الصهيونية الحديثة ينادى بضرورة التغلب على التضارب المتوقع بين الصالح العربية ومسالة تهويد فلسطين ومن هنا برزت فكره التوفيق بين العرب واليهود  وقد تبنى هذه الفكرة عديد من الشخصيات الصهيونية التى بادرت منذ أوائل القرن الماضي الى الاتصال بعدد من الزعماء العرب فى العاصمة العثمانية دون تحقيق شيء ملموس ثم جرت محاولة فاشلة لعقد وفاق صهيوني عربي على هامش المؤتمر العربي الاول الذى عقد في باريس عام 1914
  • تزعم جودا ماجنس اول رئيس للجامعة العبرية فى  القدس فريقا من الصهيونيين الذين تميزوا بالثقافة الليبرالية للعمل على تحقيق نوع من التقارب بين العرب واليهود في فلسطين  واسفرت جهودهم عن تكوين جمعيات تضم المؤمنين بأفكارهم منها :جمعية قيد مزراحا ( اى الى الشرق )  وجمعية بريت شالوم ( عهد السلام ) وجماعة ايحود (الاتحاد ) .والحقيقة ان اهداف هذه الجمعيات  كانت وسيلة لستر مآربهم
  • كان  ناحوم جولدمان زعيم الراديكاليين الصهيونين  يعتقد ان الموقف العربى من الصهيونية يمثل عامل الحسم فى فلسطين ويؤمن بامكانية التوصل الى حل مع العرب فقط بالوسائل غير الدبلوماسية  والدخول فى اتصال مباشر مع عرب فلسطين لمناقشة  اسسس ايجاد علاقات تقوم على الموده  والحقيقة ان جولدمان كان يجهل الدور الذى اداه الفلسطنيون فى الحركة العربية الحديثة منذ نشاتها واستنكر ان يكون للفلسطنين طموح نحو مستقبل سياسى مستقل على اساس انهم وجدوا انفسهم جزءا فى تكوين عربى كبير
  • اما ديفيد بن جوريون  فكان يرى ان العرب جميعا فلسطنييين او غير فلسطنيين يشكلون عاملا ثانويا ضغيفا واقل اهمية اذا قورن بالقوى الغربية لتى تحتفظ بمصالح لها فى المنطقة العربية  وحاول بن جوريون خداع العرب فانه لاتوجد مشكله فى الهجرات اليهودية لفلسطين  حيث ذكر بن جوريون فى تصريح له مع فواد بك حمزة عام 1937م حيث قال ( ان الهجرة اليهودية الى فلسطين لن تلحق الضرر بوضع العرب الذين يعيشون فى ارض اسرائيل سياسيا او اجتماعيا ذلك لان هؤلاء يكونون جزءا صغيرا فقط من مجمتع عربى كبير )والحقيقة ان اطماع بن جوريون في الأراضي العربية كبيرة فكثرا ما كان يذكر الحدود التاريخية لارض اسرائيل فى حديثه مع الزعماء العرب وكان بن جورين يقدم عروضا للتسوية مفادها بقبول العرب بدولة يهودية فى كلا من فلسطين وشرق الاردن عن طريق الاحلال السكنى وتوطين يهودى فى سوريا والعراق  مقابل المساندة الصهيونية فى بناء فيدرالية عربية تضم فلسطين
  • ولما فشلت محادثات بن جوريون وقامت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م واعلنت خطة التقسيم الواردة فى تقرير لجنه بيل  اختلف الزعماء الصهيونيون حول قبول الفكره او رفضها  ففى موتمرهم الصهيونى العالمى العشرين فى زيورخ 1937 هيرهم الزعيم الصهيونى وايزمان بين بقاء الوضع كما هو عليه او تحقيق الحلم الصهيونى بقيام دولة يهودية على جزء من ارض فلسطين تكون منطلقا لتوسعات صهيونية مستقبلية  وقد وافق اغلبيتهم على مبدا التقسيم مع تعديل حدود الدولة اليهودية
  • اما الزعيم الصهيوني موشى شاريت فقد كان يرى ان المصير الصهيونى لن تصممه الصيغ السياسية لكن يصممه عدد اليهود فى فلسطين فقد كان يعتقد ان قوة اليهود ممكن ان تقدم حلا للمشكلة مع العرب كقوة مقابل قوة
  • وضح ارتباط الوجود الصهيونى فى فلسطين بالقوة مع مولد الحركة الصههيونية الحديثة  فقد كان فى تصور المفكر الصهيونى هرتزل ان الوطن القومى اليهودى يحتاج الى جيش يهودى مزود بالاسلحة وفى عام 1907 تشكلت او كتيبة عسكرية يهودية هدفها الدفاع عن حق اليهود المطلق فى العيش فى فلسطين
  • ثم نجح جابوتنسكى فى تكوين كتائب ابناء صهيون عام 1915 عن طريق تجميع الشبان اليهود العاملين فى جيوش الامبراطورية البريطانية فى جيش واحد يحمل الراية ذات النجمة السداسية وفى عام 1919 تمكن جابوتنسكى من تكوين قوات الدفاع اليهوجى الهجاناه

واخيرا
من خلال العرض السابق يتضح لنا ان الصهيونين هم الذين اضمروا العداء للعرب وليسوا دعاة التوفيق بين العرب واليهود كما يزعمون وقد فضح كذبهم كفرسكى زغيم جمعية بريت شالوم حيث قال ( ان اليهود مدوا ايديهم بالسلام ثم استعادوها فورا عندما اعلن الطرف الاخر استعداده لقبولها  وان الهدف من ذلك كسب الوقت
فهل نفيق يا امة العرب


 
أضافة تعليق