مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب
2016/10/23 16:21
حوار مع القاص الجزائري زين الدين بومرزوق

حوار مع القاص الجزائري
زين الدين بومرزوق

أجرته فتيحة سبع

القصة هي منفاي الوحيد و إذا ابتعدت فإلى القصة القصيرة جدا..

 

القصة هي منفاي الوحيد و إذا ابتعدت فإلى القصة القصيرة جدا..

إلى منفاه اتجهنا.. لا لنحمل إليه هموم و شكاوى المواطنين كمسؤول

إعتاد على ذلك، و إنما لنصغي إلى قصّته مع الحرف و هو الذي أمعن

الإنصات إلى الآخر و حمل معاناته، فنسج أجمل الحكايا عبر هذا المنفى

الجميل الذي إختاره و توغّل فيه مبدعنا القاص زين الدين بومرزوق..

أترككم تستمعون إلى إفضاءاته من خلال هذا الحوار الذي تشرّفت

بإجرائه معه:

 

 

س1: رحلة طويلة مع الحرف أثمرت بهذه الإصدارات القيّمة، فكيف تُقدّم نفسك 

         لقارئك حتى يتعرّف على صاحب هذه الرحلة الإبداعية الممتعة..؟

ج1: أولا أشكرك على إتاحة هذه الفسحة لأقدم نفسي للقرّاء.. بكل تواضع في رأيي هي

رحلة كما جاء في مضمون سؤالك إلّا أنها رحلة أحاول أن أتعلم من يومياتها وأكتشف فيها

حرفي الذي أتمنى أنه تشكل للقارئ ..

بومرزوق زين الدين من مواليد بسكرة، هذه المدينة التي إحترفت الشعر واحتضنت

الشعراء، فكان السرد فيها غائبا..حاولت جاهدا أن يكون لها أو أن تكون المدينة أكبر و أشمل

فهي بتاريخها الطويل يمكنها أن تستوعب كل جميل وبإيماني هذا بدأت مقارعة السرد لعلي

أكون من الأوائل الذين قدّموا للقصة إسما وخارطة ولو ضيّقة في جغرافية الواحة الكبيرة

التي عرفت تضاريسها وجبالها وقراها أسماء كبيرة في فن السرد من أمثال الدكتور عبد الله

ركيبي رحمه الله ..فلا أخفيكم أني تظللت تحت هذه القامة الأدبية الذي وجهني بأرائه

وملاحظاته القيّمة في كيفية التعامل مع النص القصصي، فكان التشجيع من بعض الصحف

والمنابر الإعلامية كجريدة النصر والشعب وأضواء والمجاهد الأسبوعي ومجلة أمال

شاهدة كلها على المحاولات القصصية التي عرفها فضاء هذه الجرائد، فكانت عناوين

القصص تتوالي بداية من "الرفض يا أمي" إلي عناوين المجاميع القصصية بداية ب: "ليلة

أرق عزيزة" إلى آخر إصدار بعدد ثمانية مجاميع الموسوم ب: "أخيرا إنهار جبل الثلج"

قبل أن أمارس وأبحر في تجربة قصصية إسمها القصة القصيرة جدا البداية ب:"شُبّه لهم"..

أريد أن أضيف أن الرحلة لم تكن كعابر سبيل، حاولت فيها ترك أثر ما ولكن ذلك لا يتأتى

إلاّ بالدراسة والتعلّم والبحث عن الجديد والإبداع، فالتكاسل في هذا المجال لا يُسمح به حيث

بعد نيلي لشهادة البكالوريا واصلت دراستي بالمدرسة الوطنية للإدارة أين تخرجت منها

سنة 1986، فكانت الإدارة والإحتكاك مع المواطن والإنسان البسيط الكادح مجالا جميلا

للإبداع بالإنصات لهموم الشارع والضعفاء من الساكنة التي تبقى حسب رأيي مصدرًا لكل

إلهام.

 

س2: كيف تولّد لديك الشعور بخوض غمار هذه الرحلة نحو عوالم الحرف؟

ج2: هو شعور تولّد من الإنصات للآخر والشعور بمعاناة الذات والأنا أولا ثم كبر هذا

الشعور لينتقل الى الآخر الذي هو فينا ومنّا وكائن نتكامل معه وهو شعور طبيعي في كل

إنسان يهتم للآخر وهذه سمة الإنسانية في كل من كان فيه ذرة إبداع، فالإبداع لا يتولّد من

فراغ.. وجدت القص مجالا مُهما لمحاورة الآخر والإنصات وحمل معاناته، فكانت البداية

بمجموعة قصصيىة عنوانها: ليلة أرق عزيزة ثم تشكيل في ذاكرة العين، الحجر المقدّس،  

معذرة يا بحر، 50 درجة تحت الظل، أخيرا إنهار جبل الثلج..    

وأخيرا في مجال القصة القصيرة جدا كانت لي تجربة أولى قدّمها الناقد السعيد بوطاجين

موسومة ب: "شُبّه لهم" هذه رحلتي في عالم الحرف أتمنى أن تنير لي دروبي الأخري التي

توصلني الي بر الامان وألتقي القارئ الذي يكشفني ويُعرّفني بنفسي الضائعة التائهة التي

تبحث عن معالمها.

س3: الإستعداد للرحلة إلى عالم الكتابة يكون مؤسّسا على رؤى و قناعات معينة تختلف

       من كاتب إلى آخر، فكيف يرى القاص زين الدين بومزوق الكتابة إنطلاقا من قناعته

       الخاصة..؟

       ماذا تمثل الكتابة بالنسبة إليك..؟

ج3: الكتابة بالنسبة لأي من أبتلي بها، إذ اعتبرت في البداية متنفس للكاتب وترجمة لرغباته

النفسية المكبوتة والتي يحاول أن يبعثها من مرقدها إلى العوالم المحيطة به إلاّ أنه مع مرور

الوقت تكبر الكتابة لتصبح كالأمانة يصعب الإستهتار بها وتساهبها بل هي مسؤولية ملقاة

على عاتقنا لأننا وبكل تواضع لسان ناطق لكل مظلوم ومضطهد وهي لأصحاب الهامش

وهي تشكيل جميل للروح من خلال جماليات النص سواء كان سردا أوشعرا، هكذا أرى

الكتابة دون استثناء جمالياتها.

س4: هل كان لشخصيات أدبية و فكرية تأثيرها على كتاباتك في بداية رحتلك؟

        و هل ترى أنك استطعت أن تنفرد ببصمتك الخاصة يوقّع بها الحرف نصوصك؟

ج4: بدايةً..لكل كاتب مبتدئ شخصيات وأسماء أدبية يتمنى أن يقرأ لها دائما كهواية و رغبة

وعندما تتملّكك روح الكتابة يُفرض عليك أن تُنوّع قراءاتك وهذا لإثراء التجربة الكتابية

بإبداعات الكُتاب المتميزين من مختلف الجنسيات والمدارس الأدبية المختلفة عبر العالم دون

التنكّر طبعا للأدب المحلي وتجارب الأسماء الوطنية في القصة والرواية وحتى الشعر وهذا

لفهم أكثر سر الكتابة ومفاتيح اللغة السردية التي حاور بها الكاتب القارئ بمختلف مستوياته

هكذا عملت لذلك يصعب القول أن هناك شخصية معينة أثّرت في.

أما جوابي عن الشطر الثاني من سؤالكم والحديث عن بصمتي أظن أن الوقت مبكرا لقول

ذلك لأني أعتبر أن تجربتي في الكتابة بدأت تعرف طريقها خاصة وأني مصر على الإلتزام

بكتابة القصة القصيرة والقصيرة جدا ربما أترك ذلك للقارئ والناقد الذي يمكن أن يمنحني

هذه البصمة التي نبحث عنها كلنا.

س5:إصداراتك تقريبا كلها عبارة عن مجموعات قصصية.. لماذا اخترت هذا اللون الأدبي

بالذات؟  

ج5:  بخصوص إختياري للسرد القصصي كنوع أدبي للتعبير وتشكيل حروفي وتقديمها

للقارئ ببساطة لأني أرى في القصة القصيرة فضاءا جميلا أتاح لي الكثير من الفرص

لرسم الشخصيات التي أتعامل معها وضبط تحركاتهم وملامسة مشاعرهم ومعاناتهم ربما

ذلك قد لا أجده في الشعر الذي تمنيته ولكن لم أتمكّن منه ..وليس كل ما يتمناه المرء يُدركه.

س6: غالبا ما يتحول كاتب القصة إلى كتابة الرواية، لكن القاص زين الدين بومرزوق كتب

القصة القصيرة ثم القصة القصيرة جدا فالقصة الومضة، هل نفهم من ذلك أنك ستظل

متمسكا بحبيبتك القصة..؟

ج6: لقد قلتيها ..هي حبيبتي وليس من عادتي التخلي على من أحب، وكلما كنت سخيّا مع

الحبيب منحك مكانة أكبر في كيانه وفي علاقتك مع الآخر .. فالقصة هي منفايا الوحيد وإذا

ابتعدت فإلي القصة القصيرة جدا ..وإذا سمعتِ أو قرأتِ يوما أني تحولت إلي الرواية فاعلمي

أن خللا ما طرأ في علاقتي بمعشوقتي التي أعيش معها منذ عشريتين كانت نتيجتها 7

مجاميع قصصية.

 س7: المُطّلّع على نصوصك أو المتصفح فقط لعناوين مؤلفاتك يفهم أنك كاتب

متورط بالمكان.. فما حكاية الأمكنة مع رحلتك الإبداعية؟

 ج7: الأمكنة في السرد القصصي هي أحد العناصر الحيوية في تشكيل معالم النص مع

عنصر الزمن والأشخاص ..وبالتالي فلا غرابة في ذلك إن منحت للمكان حيزا أكبر هذا من

جهة، ومن جهة ثانية الظروف التي أعيشها حتّمت علي التنقل كثيرا بين المدن الجزائرية

والجزائر بمساحتها الكبيرة في قارة إفريقيا التي تتجاوز 2 مليون كلم مربع تمثل قارة

بحالها.. من هنا فرض المكان نفسه بقوة وهذا لأكتشف الإنسان الذي يعيش في هذه الأمكنة

وحب تفحص المكان وقد وجدت تراب وتضاريس الأمكنة التي أعيشها لأول مرة لها علاقة

مباشرة مع سلوكيات إنسان تلك المنطقة، فالإنسان الذي يعيش قي الساحل مع البحر يختلف

عن ذلك الذي يعيش مع سيوف الرمل وشساعة المكان والفضاء الصحراوي الممتد.. من

هنا جاءت عناوين قصصي إنعكاسا للمكان، فالمجموعة القصصية الموسومة ب:

"معذرة يا بحر" مضمونها المدينة والبحر والإنسان الملاّح والعاشق الذي يتطلّع الي موج

البحرويستمتع بنبضه ونسماته غير الشخصية التي تجديها في مجموعتي الأخرى الموسومة

 " 50 درجة تحت الظل" التي كتبتها بمنطقة قورارة بأدرار.. ليس هناك وجه للمقارنة في

تشكيل الصورة والحالة النفسية وحتى المعاناة لشخوص القصص ونفس الشيء ينطبق علي

مجموعتي القصصية الثالثة الموسومة "أخيرا إنهار جبل الثلج" التي كتبت ولامست الإنسان

الذي يعيش في الهضاب، هذه المنطقة التي تقع بين الصحراء والبحر أين تلاحظين وجود

فصلين طوال السنة برد وثلوج وربيع دائم ..اذًا، المكان فرض نفسه ويمنح أي كاتب مجالات

إبداعية جميلة لو يعرف كيف يقرأ المكان ويعيشه ويتنفّسه.

 س8: ما رأيك في التصنيفات التي أصبحت تخصّ بها بعض الكتابات الأدبية 

         (أدب نسائي، أدب إستعجالي أو أدب الأزمة...) وهل يمكن أن تشهدنصوصك

         تصنيفا خاصا بها بما أنها ملتصقة بالمكان، فتصبح  نصوصا  مكانية؟ 

ج8: في الحقيقة هي تصنيفات إعلامية أكثر منها شيئاً آخر لا صلة لها بالدراسات النقدية

التي لا تعترف الاّ بالنص ككيان مستقل عن صاحبه والظروف التي كتب فيها أو الفترة أو

الجنس.. العنصر الوحيد الذي يحتكم إليه هو الجودة وفقط ..أكرر حتي نصوصي التي هي

قريبة إلى أدب الرحلة تخضع إلي مقياس الجودة ليس هناك منطقة وسطى بين النص الجيد والنص الرديئ.

 

س9: الكاتب العربي عموما و الجزائري خصوصا يعاني أزمة الطبع، في رأيك ما سبب

        هذه الأزمة التي تضع سياجا أمام أعماله الأدبية، وكيف كان هذا الأمر معك؟

ج9: فعلا هم كل كاتب هو كيف يتجاوز هذه المعضلة الحقيقية التي تقف عقبة في تحقيق حلم

النشر والتواصل مع القُراء وكثيرا ما توقفت مسيرة كُتاب لهذا السبب خاصة بعد الإنفتاح

الكبير الذي عرفه قطاع الثقافة والإعلام وتحرير السوق، فنشأت دور نشر لا هم لها إلاّ

الربح بأقل تكلفة، فتجدين الكاتب يتكفّل بكل شيء من إعداد المنشور إلي تصفيف الغلاف إلى

طبعه ليقدَّم جاهزا لدار النشر التي تتّفق مع أي دار للإخراج بمقابل يدفعه الكاتب وبعدها

يتعرّض إلى متاعب التوزبع التي غالبا ما تكون مكلِّفة ومحرجة للكاتب نفسه لأنه يجد في

كثير من الأحيان وفي نفس الوقت يقدّم كتابه للقُرّاء ومحبيه وباليد الأخرى يمسك ثمن كتابه

وهي مواقف حقيقة محرجة وقد عشت كل مراحل هذه العملية لأنه من ضمن تسعة أعمال

سبعة تكفّلت بطبعها بمالي الخاص دون الإعتماد على أية جهة ثقافية وعانيت من مشكل

التوزيع.. وإلى حد الساعة، الكثير من أعمالي لا يزال مكدّسا، فيه ما تم توزيعه كاملا ولكن

ذلك يتطلب جهدا ووقتا يثقل كاهل الكاتب إلاّ أنه لا حيلة لنا ما دامت دور النشرلا تتكفّل

بالتوزيع إلاّ في حالة واحدة وهي التنازل كُليا على أعمالك للدار بمقابل نسبة قليلة وهذا ما

يتنافى ومصلحة الكاتب إلاّ أنه في الأخير يخضع لابتزاز الدار ورغبته جامحة في رؤية

عمله يُبعث للجمهور والقُراء الأوفياء.

س10: كيف ترى تعاطي الجمهور القارئ (الجزائري و العربي) مع منتوجك الأدبي..؟

ج10: في غياب القراءات النقدية والتغطيات الإعلامية للمنتوج وأي منتوج فكري لي أو

لغيري يؤثر سلبا علي رواج الأعمال الأدبية وأنت تعرفي واقع ومكانة الكتاب في الساحة

الثقافيةعامة مازالت لم تتقدم وبالتالي إنعكس سلبا على تعاطي الجمهور مع الأعمال الأدبية

إلاّ إذا استثنينا المجاملات والاخوانية والشلة التي تتفاعل مع البعض بحكم المصلجة إلاّ أنه

مؤخرا إنتبه الكاتب أنه عليه بذل مضاعف للتعريف بأعماله والتنقل واستغلال كل المناسبات

الأدبية للترويج لنصوصه حتى تكون في متناول الطلاب والقراء وهذا لاقتنائها أو توظيفها

في مذكرات التخرج، وهنا أؤكد على أهمية تواصل المبدعين مع الجامعة لربط جسور

الإلتقاء والبحث في الأعمال الأدبية لكل كاتب يهمه إنتشار أعماله وأنا قمت بذلك ووُفقت الى

حد ما حيث كانت آخر أعمالي خاصة المجموعة القصصية القصيرة جدا الموسومة ب "شُبه

لهم" التي نالت حظها بالقراءات والمتابعات النقدية.

س11: هل ارتباطك العملي كمسؤول على خدمة المواطن (التي جاء بها مرسوم تعيينك)

           كما تقول في إحدى قصصك له تأثير خاص على كتاباتك؟

ج11: لا أخفيك أهمية الوظيفة التي أمارسها والتي بسببها جعلتني أنتقل في كل مرة من

مدينة الى أخرى لمدة طويلة جعلتني أحتك وأعيش يوميات الإنسان في تلك المدن من خلال

المعايشة اليومية والإنصات والإطلاع.. كل هذه التجارب زوّدتني بكثير من أدوات الكتابة

خاصة ما يتعلق بالمكان والعادات والطبائع والتقاليد لكل منطقة زرتها وعشت فيها، فعلا

الوظيفة كانت لي مُعينا في كتاباتي وإلهاما لعناوين مجاميعي القصصية.

س12: كيف تُقيّم الحركة الأدبية بالجزائر، هل استطاعت أن تفرض مكانتها

           كما يجب مقارنة بالحركة الأدبية في العالم العربي..؟

ج12: ربما من حيث الكم أوافقك الرأي.. إن الأدب الجزائري بدأ يتطلّع إلى العوالم الأخري

خاصة منها العالم العربي من خلال المشاركات لبعض الأسماء في المنتدايات الثقافية إلاّ أنه

من حيث النوع والقيمة يمكن القول بأنه مازال بعيدا عن تجارب الأشقاء سواء في بلدان

المغرب العربي أو مشرقه بالرغم من أن بعض الأسماء تبرز من خلال المسابقات الدولية

لكن يبقى ذلك غير كاف لأن كثيرا من المجهود ما زال ينتظرنا للنهوض بالأدب الجزائري

في عواصم الدول الأخري وفرضه على منابر المنتديات العالمية.

س13: نعلم أن الثورة التكنولوجية القائمة اليوم عبر العالم كله ساهمت في

         تطور ملحوظ على كل الأصعدة، فكيف استفاد منها الحراك الأدبي في 

         رأيك و ماذا قدّمت لك ككاتب بدأ بالنشر الورقي..؟

 ج13: أولا النشر الورقي له طعم ومكانة جد خاصة لا يمكن أن تعوضه أي تكنولوجية

 أخرى، وكمثال بسيط أن تقرأ الجريدة الورقية كل صباح أفضل أم تجلس إلى حاسوب لتقرأ

 نفس الجريدة إلكترونيا.. الفرق كبير إلاّ أن وسائط المعلوماتية وتكنولجيات الإعلام المنتشرة

بقوة تساهم بدورها في تقريب الأدباء والتجارب من خلال النشر الإلكتروني للأعمال الأدبية

بعد عزوف الجرائد الورقية عن خلق فضاء أدبي يلتقي فيه الأدباء وتكون الفضاءات الأدبية

حاضنة لكل التجارب الأدبية، وكذلك أمام صعوبة النشر وجد الكثير في هذه الفضاءات

الإعلامية فرصة للإشهار لأعمالهم وضمان تواصل يومي مع عشاق الكلمة..  بالنسبة لي

قدّمتْ الكثير.. بداية بالالتقاء ببعض الأسماء الأدبية التي لم تُتِح الظروف التواصل معها

مباشرة، فكان الفضاء الأزرق مناسبا لبعث الحراك الأدبي الذي غُيّب لأسباب متعددة لها

علاقة مباشرة بالظروف الإجتماعية وتطورإنشغالات الفرد وضيق الوقت.

س14: ما رأيك في واقع الملتقيات الأدبية هنا بالجزائر و بالوطن العربي؟ و هل

          أنت من المهتمين بالمشاركة فيها..؟ و هل تراها ضرورة للكاتب؟

ج14: الملتقيات الأدبية في الواقع لم يعد لها ذلك الصيت الذي عُرفت به في بداية الثمانينات

والتسعينات بوجود تنافس بين مكاتب الجمعيات الوطنية كإبداع والجاحظية واتحاد الكتاب

الجزائريين، حيث كان حينها لكل مدينة مهرجانها و ربيعها الأدبي و قد ساهمت في بروز  

أسماء أدبية هي اليوم تشغل الساحة الأدبية الوطنية سواء في القصة أو الرواية أو الشعر إلاّ

أنه مع مرور السنوات بدأت تختفي هذه الملتقيات لأسباب عديدة ليس مجالها اليوم للتعرض

لها ...لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية الملتقيات هذه في تطوير التجارب الأدبية وتبادل الأفكار

وتقديم المداخلات النقدية وتقارب الأسماء من خلال الإحتكاك المباشر وربط العلاقات التي

تُمتّن أواصر الكتابة والإبداع ما بين الكتاب داخل الوطن وخارجه ..أكاد أجزم أن الأدب فقد

شهيته بعد زوال هذه الملتقيات من المشهد العام وكأنها ملح الكتابة والإبداع والأدب.

س15: ككاتب مسيرته طويلة في مجال الأدب.. هل استطاعت بعض أعمالك

      أن تجد طريقها إلى نقد بنّاء من المختصين بالنقد..؟ و كيف ترى حال النقد

      بالجزائر و بالوطن العربي؟

ج15: كما قلت الأخت فتيحة، بالرغم من المسيرة الأدبية الممتدة لعشريتين إلّا أن النقد يبقي

مغيّب ليس فقط ما تعلّق بأعمالي القصصية وإنما لباقي الأسماء، وهذا له أثره في تطور

الأدب الجزائري عامة لأنه لا يمكن الرقي بالكلمة في غياب النقد الصحيح المبني على قواعد

صحيحة، وهنا يبرز دور الجامعة في تحقيق هذه الوثبة التي تبقى الحلقة المفقودة في كل

تجاربنا الأدبية سواء علي المستوى المحلي أو العربي.. بالنسبة لأعمالي تبقى

المتابعات النقدية لها جد قليلة بالمقارنة مع حجم الأعمال المعروضة إلاّ مؤخرا حيث بدأ

بعض الإهتمام من قِبل الطلاب في تناول أعمالي في بعض الجامعات الوطنية كمذكرة

تخرج وإن كنت أجزم أنها لا ترقى إلى مستوى النقد الجاد.

س16: بالإضافة إلى إصداراتك الأدبية رأينا إصدار يتعلق بالخدمة العمومية،

          حدّثنا قليلا عن هذا المؤلَف.. و كيف جاءتك الفكرة لتكتب بعيدا عن الأدب..؟

ج16: فعلا، إلى جانب إصداراتي الأدبية كان لي مؤخرا إصدار قانوني عنوانه: الخدمة

العمومية بين تطبيقات النصوص القانونية والواقع  (الجماعات المحلية نموذجا)، هذا الكتاب

في الحقيقة هو عمل تطبيقي لممارستي العمل الاداري لمدة 30 سنة عبر الوطن، حاولت من

خلاله عرض  بالموازاة مع الورشات التي فتحتها الوزارات المعنية بالملف المتعلق بتحسين

الخدمة العمومية والمرفق العام في الجزائر، هذا المرفق والخدمة التي لم تتطور منذ

الإستقلال بالرغم من تطور حاجيات الفرد فكان سؤالي: أين يكمن الخلل؟ هل في المرفق

في حد ذاته الذي لم يعد يستوعب إستقبال المواطن في أريحية لتقديم خدمة له وبالتالي وجب

تحسين المرفق العام وجعله يتماشى والعصر أم  أن الإشكال مطروح على مستوى النصوص

والقوانين الإدارية التي لم تتطور منذ الاستقلال وبالتالي وجب تجديدها وجعلها تتماشى

وروح  العصر والتكنولجيات أم الإشكال في الفرد الذي يجب عليه تحسين دوره وجعله في

مستوي التطور الحاصل في الأدوات التي تقدم خدمة للفرد..؟

كان هذا محور النقاش والمعالجة التي إتّبعتها في كتابي القانوني مع ذكر كل القوانين التي

صدرت في هذا المجال.

س17: ماذا تمثل لك هذه الكلمات: (الوطن، المواطن، المسؤولية، السفر، 

         الصحراء، البحر)..؟

ج17: - الوطن: الإنتماء والهوية.

 - المواطن: مصدر للمواطنة والوجود.

 - المسؤولية: أمانة وتكليف وحمل ثقيل.

 - السفر: حياتي.

 - الصحراء: البدايات لكل شيء ولكل نبض وهي البعث ومنها أشرقت شمس الحضارات.

 - البحر: لم أفهمه لذلك أعتذر له قائلا (معذرة يابحر) وهو عنوان مجموعتي القصصية.

س18: هل بإمكانك أن تبوح للقارئ بجديد إبداعي ينتظره من حرفك البهي؟

 ج18: قبل البوح أريد أن أشكرك المبدعة فتيحة سبع الفنانة بأسئلتها وتواصلها الجميل على

إتاحة هذه الفرصة  البهية لألتقي بأحبابنا في فضاء الفكر لأعبر لك عن سعادتي وامتناني لك

ولرواد صفحة الفكر ومسؤوليها متمنيا أني قد وُفقت في البوح كما قلتِ..  

أما بخصوص جديدي بإذن الله في الأيام القادمة سيكون لي إصدار جديد في القصة القصيرة

جدا وهي التجربة الثانية بعد الأولي الموسومة ب: شُبّه لهم.. هذه الأخيرة التي ستحمل

عنوان: "قلبٌ ..مختل عقليا" قدّمها الدكتور والناقد الكبير السعيد بوطاجين.

 

ـ مختارات قصصية من مجموعة القاص زين الدين بومرزوق في القصة القصيرة جدا

(شُبّه لهم):

الوفي

لأنه مسافر في مهمة مستعجلة، سلّم مفاتيح شقته لصديقه المُقرب ليحرسها.. أول ما فعله غيّر قفل الباب، غيّر رقم هاتفه، غيّر مقر عمله.. قبل أن يغادر مكتبه، علّق لافتة على بابه: نلتقي على المحبة أيها الأوفياء.

التركة

أدخلوه غرفة الإنعاش؛ فانتعشت تجارة أعضائه بين الورثة.

العمر

لأنها تحبه، منحته عمرها، فتضاعف عمر انتظارها.

 

مؤلفات القاص زين الدين بومرزوق:

في القصة القصيرة:

ـ ليلة أرق عزيزة عن دار هومة سنة 1997

ـ تشكيل في ذاكرة العين عن دار الجاحظية سنة 2000

ـ الحجر المقدس عن إتحاد الكتاب الجزائريين سنة 2002

ـ معذرة يا بحر عن دار الكتاب العربي سنة 2007

ـ 50 درجة تحت الظل عن دار الكتاب العربي سنة 2007

ـ أخيرا إنهار جبل الثلج عن دار الكتاب العربي سنة 2012

في القصة القصيرة جدا:

ـ شُبّه لهم عن مقامات للنشر و التوزيع سنة 2015
*صحيفة الفكر

 

أضافة تعليق