مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2020/04/19 01:51
استراتيجيات تنمية التفكير الإبداعي (1-2)
استراتيجيات تنمية التفكير الإبداعي (1-2)
يعد التفكير الإبداعي أحد أهم أنواع التفكير المختلفة، حيث أنه يسهم في تحسين كفاءة التفكير وتنميته، وتزداد الحاجة الماسة إلى هذا النوع من التفكير مع تعقيدات الحياة الاجتماعية وكثرة مشكلاتها، كما أن مشكلات العمل الإسلامي تحتاج إلى عقولاً تتمتع بقدرة التفكير بأنماط إبداعية تعتمد على حل المشكلات وطرح البدائل واكتشاف الخيارات، ويقصد بالتفكير الإبداعي أنه العملية الذهنية التي نستخدمها للوصول إلى الأفكار والرؤى الجديدة، في الشكل والمضمون أو في الكم والكيف.
وعملية التفكير الإبداعي هي عبارة عن سلسلة من الخطوات المرتبة، لتنظيم عملية التفكير وتحفيزها، وإدارة عمل الفريق في عملية التفكير، ومن الضروري استخدامها أثناء التفكير الإبداعي وحل المشكلات وسنذكر منها أبرز إستراتيجيتين يمكن الاستفادة منهما في حياتنا اليومية وفي ممارستنا للعمل التربوي والدعوي .
الإستراتيجية الأولى :
تنمية التفكير الإبداعي بطريقة العصف  الذهني
 
يعتبر العصف الذهني من أهم الأساليب وأكثرها شيوعاً في تنمية التفكير الإبداعي وتتعدد تسمياته( بالقصف الذهني، والعصف الفكري، والمفاكرة، وإمطار الدماغ، واستمطار الأفكار، وتدفق الأفكار، وتوليد الأفكار) وعلى اختلاف مسمياته فالمقصود به توليد قائمة من الأفكار التي يمكن أن تؤدي إلى حل المشكلة، أو إلى الإجابة عن التساؤلات المطروحة بطرق إبداعية، ولقد درب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على حل المشكلات التي يواجهونها بطرق إبداعية، مستخدمين فيها طريقة العصف الذهني، فحينما كثر عدد المسلمين وبعدت أماكنهم عن المسجد النبوي، فاحتاروا فيما بينهم كيف يدركون وقت الصلاة وأدائها، فاجتمع بهم رسول صلى الله عليه وسلم، واقترح كل منهم اقتراحاً أو أبدى فكرة لحل هذه المشكلة، وتداولوها بين قائل برفع راية في مكان مرتفع ليراها الناس، وقائل بإشعال النار، وقائل باستخدام البوق، وقائل بدق الناقوس، إلى أن استقر الصحابة رضوان الله عليهم على فكرة النداء فيقوم بعض الناس إذا حانت الصلاة وينادون بها فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأي لأصالته الفكرية المؤمنة ولتحقيقه العملي للغرض المطلوب في دعوة الناس وهذا هو صميم الإبداع لما فيه من فكرة أصيلة نافعة للمجتمع
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوجه أسئلة إلى أصحابة لاستثارة تفكيرهم، ومن ذلك سؤالهم عن " أتدرون من المفلس" وسؤالهم" إن من الشجر شجرة لايسقط ورقها، وإنها مثل المسلم " وقوله في حجة الوداع" أي يوم هذا" وغيرها من الأسئلة الكثير التي تنمي فيهم روح التفكير الإبداعي وممارسة طريقة العصف الذهني .
وتكمن أهمية طريقة العصف الذهني في أنها عامل مهم في تنظيم التفكير، وإيجاد الحلول، وتساعد على حل المشكلات بطرق إبداعية ويمكن استخدامها في المجالات الحياتية المختلفة، كما أن روح الجماعية التي فيها تساعد على إخراج نتائج متميزة، لا يمكن تحصيلها من أفراد متفرقين، ففي كثير من الأحيان تقف قدرات المربين المحدودة حائلا أمام التعرف على الحلول للمشكلات التي تعترضهم في عملية التربية، وتكون الفردية عائقاً في التعرف على المخارج الممكن إتباعها لحل الإشكال الموجود، فيأتي أسلوب العصف الذهني ليسهم في حل هذه المشكلة، من خلال إسهام كل فرد بفكرة أو جزئية، فيتذكر الآخرون جزئيات أخرى مشابهة، وينتبه آخرون إلى جزئيات معاكسة ومناقضة، ويربط آخرون بين أكثر من فكرة ؛ للتوصل إلى فكرة ثالثة، وهكذا تتضافر الجهود نحو تطوير الأفكار؛ للحصول على نتائج ضخمة، ما كان بالإمكان الحصول عليها من خلال الجهود الفردية المتفرقة .
ومع أننا كثيراً ما نمارس طريقة العصف الذهني، إلا أننا نقع في بعض الأخطاء التي من شأنها تقلص كثرة الأفكار وتوليدها، وننشغل بالردود والاعتراضات على الآراء المطروحة والمحاذير التي قد تقع مما تجعل الفرد منا يحسب حسباناً كبيراً لرأيه وفكرته التي يريد أن يطرحها، لذا لا بد من عرض مبادئ وقواعد العصف الذهني كي يمكن السير عليها من أجل تجويد وتحسين والتفكير ومخرجاته .
مبادئ وقواعد العصف الذهني :
يقوم العصف الذهني على مبادئ وقواعد من أهمها :  
أ - تأجيل إصدار الحكم على الأفكار المطروحة إلى أن تنتهي جلسة توليد الأفكار، ومن شأن ذلك أن يساعد على تلقائية الأفكار وبنائها، ويساعد الفرد على أن يكون أكثر استرخاءً وأقل تحفظاً، وبالتالي أعلى كفاءة في توظيف قدراته على التخيل وتوليد الأفكار، ويساعد كذلك على كثرة الأفكار المطروحة وتنوعها، وبالتالي يمكن أن تنجح أفكار أو حلول قد تبدو لصاحبها لا قيمة لها، ولكنها في الواقع قد تكون جيدة، وخاصة إذا استخدمها أشخاص آخرون كمفتاح لفكرة أخرى، أو حل آخر للمشكلة، وبالمقابل فإن ممارسة النقد وقت استنزاف الأفكار يوقف طوفان التداعيات الذهنية.
ب - الكمية تولد النوعية، فبقدر كثرة تنوع المعلومات والأفكار تكون هناك أفكار متنوعة وقيمة، ولكي نصل إلى الأفكار الأصيلة، والتي تتسم بالجدة لابد أن نستنفذ أولاً ذخيرتنا من الأفكار التقليدية المألوفة، ومحاولة الخلاص من أسرها ومن سيطرتها على تفكيرنا، والأفكار والحلول المبتكرة تأتي نتيجة لعدد من الحلول غير الجيدة أو الأفكار الأقل أصالة.
ج- البناء على أفكار الآخرين وتطويرها، ويقصد بذلك أن تشحذ دافعية الأفراد على أن يضيفوا لأفكار الآخرين، وذلك بأن يقدموا ما يمثل تحسيناً أو تطويراً لها، أو يشكل ربطاً بين كل الأفكار السابقة من أجل تكوينات جديدة واقعية أقرب إلى خلو المحاذير والعوائق وقت التنفيذ .
وبعد هذا العرض المختصر لطريقة العصف الذهني وأهميتها في تنمية التفكير الإبداعي يحسن بنا أن نشير إلى أن ممارسة المربي لطريقة  العصف الذهني مع الأفراد تؤدي  إلى (توليد قائمة من الأفكار التي تؤدي إلى الوصول للحلول الإبداعية الجديدة للمشكلة، كما أنها تطلق الطاقات الكامنة لدى الأفراد في جو من الحرية والأمان يسمح بظهور كل الآراء والأفكار مهما تباعدت وتباينت، ومهما كان نوعها ومستواها، وتكسبهم مهارة احترام أفكار الآخرين، وتزيل الخشية والخجل من نفوسهم، كما تزيل الغرابة من نفس الفرد في عدم قبول فكرته وآرائه بين إخوانه والآخرين)   
 
أضافة تعليق