مركز الوفـــاق الإنمائي للدراسات والبحوث والتدريب

2023/12/13 15:46
روحُ الرُّوحِ .. (قصيدة)

عن قطعةٍ مني طوتها حفرة
فعقدْتُ في أكفانها أكفاني

كانتْ هزارَ الروحِ في إنشادِها
وبضحكِها تعزو جميع كياني

فلقد غدوْتُ ربابة مفجوعة
تشدو بعزفٍ موجعِ الألحانِ

في كلّ ركنٍ قد أرى ألعابَها
وبكلّ زاويةٍ وكلّ مكانِ
__

لها ولروحها الطاهرة شهقة روح ..

ما زالَ يندبني البُكا لبكائِها
فترشّني النّجوى إلى أندائِها

أيامُ روحي في القِماطِ تلفني
بثيابِ قهري كي أراني تائِها

وتشيلني حرْفاً على ورَقِ الأسى
وحدي وتدْهَشني الرؤى بجفائِها

عَيْني وتسكبُ مِهرجانَ مدامعٍ
حرّى وترسمُني على أفيائِها

فأضيعُ في المجهولِ منتظراً غدي
يأتي ليلقاني الفنا بلقائِها

قد كنتْ أزعمُ أنّ قلبي صخرةٌ
لو فُجّرَتْ غيظاً لغاصَ بمائِها

وإذا به مترنِّحاً يمشي إلى
ما لا يرى فيتيهُ في أشيائِها

وحدي وَسُكَّرةُ المواجعِ تحتفي
بمواجعي فأرى الأنا بضيائِها

ولدَتْنيَ الدّنيا فهرولَ خافقي
شَغفاً لتكتبني بضمْنِ شقائِها

والناسُ تحملُ في أكفّ ورودها
ورداً ومائي كانَ ملحَ بلائِها

والشوكُ ثوبي طرّزتْهُ مخاوفي
ومآتمي زرعَتْ مواتَ خبائِها

فرجعْتُ من منفاي عدْتُ لغربتي
والريحُ تشبكُني بخيطِ ولائِها

وأنا أرشرشُ بالدّموعِ وسائدي
والليلُ يخنقُني بحبلِ حيائِها

وشراشفي تشكو برودةَ نارِها
ما هزهزتْها صائحاتُ دمائِها

يا ليتني ودخانُ أشلائي اختفى
بدمي لتحمِلَهُ الدُّنى بأنائِها

أرأيتني كيفَ انتهيْتُ سحابةً
سحَّتْ وما سحَّتْ سِوى بُرَحائِها

فسكبْتُ بعضي في غيومِ متاهتي
لأعودَ أحملُني إلى أجوائِها

علّي أخيطُ جروحَ روحي في يدي
وأروفُ أيّامي بنولِ رثائِها

مطري يبلِّلُني وما غيري أنا
مَطرُ الحنينِ لمَنْ أرى بسمائِها

وصباحُ حزني خلف حزني حافياً
يمشي فيُرسلُني بكفِّ عزائِها

إنّي أحلّقُ في رحابِ مواجعي
فتُذيبُني المأساةُ في أحشائِها

مالي وهذا الحزْنُ يقطنُ داخلي
وأجرّني منّي له بردائِها

أشكو بآهاتي وأرسم دمعتي
شِعراً ويسقِطُني الورا لورائِها

ما زالَ في روحي لبعضي صورةٌ
عندي تُعانِقُني بيومِ صفائِها

والأرضُ دائرةٌ وتحملُني لها
آياً وتمنحُني إلى أضوائِها

وجهي يُصافحُني ويقْطنُ داخلي
ذاتاً فيُجْبِرني إلى إخفائِها

بتلاتُ روحي أينعَتْ أوراقُها
وأنا بها أذوي فمَنْ لفنائِها

أقتاتُ حُلْمَ الأمسِ حيْثُ يجيئُني
حُلُماً فيُسْقطُني بحُضْنِ ولائِها

أنا ذلكَ الوجعُ العميقُ يحوطُني
مَنْ ذا سيسمَعُني وراءَ خبائِها

موال حزن ما تزالُ ربابتي
تبكي عليّ بلولولاتِ عطائِها

هلْ منْ يدٍ يوماً ستأتي خلسةً
وتشدُّني وأطوفُ في أرجائِها

جوعٌ أنا والدفءُ غادرَ خيمتي
مَنْ ذا سيأتيني تُرى بفنائِها

سأظلُّ أنتظرُ الصباحَ معَ المُنى
حتّى يلوحَ على ضفافِ سنائِها

غُصصي تُنادمني وتسحَبُني إلى
موتي ويسبقُني الرّدى لقضائِها

روحي إلى روحي تُحاكي نفسَها
هلْ عودةٌ أخرى إلى إحيائِها

*نقلاً عن موقع منار الإسلام*

مقالات اخرى
أضافة تعليق